التأمين و المسؤولية الطبية - دراسة مقارنة -
Résumé: عرفت مسؤولیة الطبیب تطورات متلاحقة عبر العصور الحضاریة المتعاقبة ، برزت من خلالھا المسؤولیة الجزائیة الطبیة المتمیزة بالعقاب ، وأحیانا بالانتقام من الطبیب أو المعالج المخطئ بحسب المستوى الحضاري الذي عرفھ كل مجتمع من مجتمعات الإنسانیة السابقة ، إلى أن انتھ المطاف بمیلاد المسؤولیة المدنیة في القرن السابع عشر على اثر مناداة الفقیھ دوما » «Domatو عدد من الفقھاء الفرنسیین بضرورة انفصال المسؤولیة المدنیة و استقلالھا بدورھا عن المسؤولیة الجزائیة ، حیث اعترف بھا المشرع الفرنسي باعتبارھا مسؤولیة مدنیة تقصیریة أساسھا المادة 2831 وما بعدھا ، إضافة إلى أنھا مسؤولیة عقدیة ، تقوم في شطریھا ألتقصیري و العقدي على أساس الخطأ ، وھذا بإقراره للقانون المدني الفرنسي الجدید لسنة 4081 . و تزامن ھذا التطور الذي عرفتھ المسؤولیة المدنیة في القرن السابع عشر مع ظھور التامین من الحریق و الذي سبقھ التامین البحري الذي یمثل ظھوره میلاد لعصر التامین الذي توج بالتامین من المسؤولیة المدنیة في القرن التاسع عشر حوالي 5281 م و ھكذا التقت التطورات الاجتماعیة و السیاسیة المتلاحقة في أعقاب الثورة الصناعیة في اروبا بانتشار الإیدیولوجیات الحدیثة و الأفكار الدیمقراطیة و النزعة الاشتراكیة والتي كان لھا الأثر البارز في مطالبة نقابات العمال بمزید من حقوق العمال و الطبقة الشغیلة ، وضرورة الاعتراف بحقھا في التامین الاجتماعي للعمال بما یشملھ من تامین الأمراض مھنیة ، وحوادث عمل ، و تامین للعجز ، والمرض و البطالة . كما كان من نتائج التوسع الھائل في الأنشطة الاقتصادیة ، كثرة حوادث العمل ، وحوادث النقل ، المسؤولیة . أمام ھذه التحدیات و الظروف و العوامل كان للتامین بصفة عامة ، وخاصة تامین المسؤولیة المدنیة دورا ھاما في التحولات و التغیرات التي عرفتھا قواعد و أحكام المسؤولیة المدنیة و التي كانت نتیجة العجز و القصور الذي عرفھ نظامھا القانوني و عدم قدرتھ على مسایرة الأوضاع الراھنة في ضمان حقوق ضحایا الأضرار المتزایدة التي عرفھا التطور الاجتماعي في ظل مجتمع صناعي بعد أن كان مجتمعا زراعیا في قرون سابقة . ھذا الوضع دفع القضاة إلى استنباط حلول قضائیة مختلفة ، خففت من عبء إثبات عناصر المسؤولیة ، و تألفت بذلك مبادئ و قواعد غیرت وجھ المسؤولیة المدنیة و حدودھا التي رسمھا القانون قدیما ، وھي إلى الیوم لا تزال سائرة في طریقھا نحو التطور تحت ضغط الحاجات المستجدة مثبتة بذلك إن القانون ولید البیئة و الحاجة ، وان النصوص عاجزة عن تقیده ، لأنھ حي ینمو و یتطور بتطور المجتمع. كما عرف أساس المسؤولیة تطورات ھامة ، فبعد أن كان قائما على الخطأ الواجب الإثبات ، توسع القضاء تدریجیا في مفھوم فكرة الخطأ ، ثم ابتكر في اجتھادات لاحقة فكرة الخطأ المفترض ، وأخیرا تحول القضاء إلى المسؤولیة الموضوعیة بدون خطأ ، حیث وجد الفضاء الفرنسي ضالتھ في المادة 4891 الفقرة )10( من القانون المدني الفرنسي متخذا منھا أساسا لإقامة نظریة فقھیة كاملة ، اسماھا نظریة تحمل التبعة المستحدثة أو نظریة المخاطر ، كمااعتمدھا المشرع الفرنسي كأساس للمسؤولیة المدنیة بالنسبة لبعض مجالات النشاط و الأضرار الناتجة عن الحوادث الاستثنائیة الخطیرة مثل التي تحكمھا ، وھو الرأي الذي ذھب إلیھ عدد من الفقھاء و الأساتذة من بینھم الأستاذ بسام محتسب باالله و الاستاد ودیع فرج والاستاد عبد الرشید مأمون والأستاذ منیر ریاض حنا ، ذلك أن العوامل التي أدت إلى ھذا التطور في المسؤولیة المدنیة لم ینتج أثرھا في المسؤولیة الطبیة ، وان المسؤولیة المدنیة الطبیة اتجھت اتجاھا اقرب إلى التوفیق بین المصالح المختلفة منھ إلى تغلیب مصلحة الضحیة ، لان التشدید في تعریض الطبیب للمسؤولیة یؤدي إلى فقد عنصر الطمأنینة و الحریة اللازمتین للطبیب في مزاولة مھنتھ ، و لأوفق نشاطھ في بدل كل محاولة في سبیل خیر المرضى. فاتجاه المسؤولیة الطبیة كان یحقق التوازن بین صالح الطبیب و صالح المریض ، صالحان لا تعارض بینھما بل ھما متضامنان ، لان إثقال كاھل الطبیب بالمسؤولیة یشل نشاطھ في العلاج و یعود على المریض بأبلغ الضرر ، كما أن إعفاءه من تبعھ تقصیره یفقد المریض ثقتھ في المھنة الطبیة ، و یحط من مستواھا ، ویحرم الأطباء من مصدر رزقھم ، لذا وجب التوسط في التقدیر بحیث تكفل قواعد المسؤولیة المدنیة الطبیة اطمئنان كل من الأطباء و المرضى. و في سنة 0791 شكلت الجمعیة الطبیة العالمیة لجنة لدراسة إمكانیة قیام لتامین المخاطر الطبیة بعیدا عن أي خطأ طبي ، إلا أن التقریر الذي أصدرتھ ھذا اللجنة جاء مخیبا للآمال حیث رفضت المسؤولیة الطبیة بدون خطأ ، ما یعني وفاءھا للاتجاه القائل المسؤولیة الشخصیة أو التقلیدیة للطبیب القائمة على أساس الخطأ. أما الیوم و قد أصبحت المسؤولیة المدنیة تتجھ شیئا فشیئا نحو المسؤولیة الجماعیة ، حیث برزت أنظمة التعویض الجماعیة مدعمة تلك الوظیفة التعویضیة للمسؤولیة المدنیة و أضحت ھذه الأخیرة ذات طابع اجتماعي ، بحیث لم یعد أمر تعویض المضرور محصورا بینھ و بین المسؤول ، ولا یثقل كاھلھ ، بل تتحمل التعویض عنھ الذمة الجماعیة ممثلة في احد أنظمة الجماعیة للتعویض ، سواء كان نظام التامین من المسؤولیة تأثیر متبادل . و من الطبیعي أن یلقى التامین من المسؤولیة الطبیة بظلالھ على التطورات التي عرفھا نظام المسؤولیة المدنیة الطبیة ، فإلى أي مدى لعبت منظومة التامین دورا فعالا و تأثیرا في تطور النظام القانوني للمسؤولیة المدنیة الطبیة ، و مدى انسجام ھذه الأخیرة مع الأنظمة الجماعیة للتعویض ؟ و إجابة على ھذه الإشكالیة تطلب الأمر مني استعمال منھج الدراسة المقارنة في ھذا البحث ، ذلك أن ھذا المنھج یمكن من معرفة التحولات و التطورات القانونیة التي عرفتھا المسؤولیة الطبیة من خلال القوانین الجزائریة والفرنسیة و المصریة وغیرھا ، وإجراء المقارنات الضروریة بینھا. و قد اعتمدت في الإجابة عن إشكالیة الموضوع خطة من ثلاثة فصول ، بدأتھا بفصل تمھیدي تناولت فیھ مفاھیم نظریة التامین و المسؤولیة الطبیة ، أما الفصل الأول فدرست من خلالھ تأثیر التامین على تعدیل أحكام المسؤولیة المدنیة في المجال الطبي وفصل ثاني أبرزت فیھ ضمان الحق في التعویض و علاقتھ بتطور أساس المسؤولیة الطبیة في ضوء التامین ، وقد جاءت خطة ھذا البحث كالآتي : الفصل التمھیدي : مفاھیم نظریة التامین و المسؤولیة الطبیة . المبحث الأول : مفاھیم أساسیة في نظام المسؤولیة المدنیة الطبیة . المبحث الثاني : مبادئ النظریة العامة للتامین . الفصل الأول : تأثیر التامین على تعدیل أحكام المسؤولیة المدنیة في المجال الطبي . المبحث الأول : اثر التامین من المسؤولیة على علاقة المؤمن بالمؤمن لھ. المبحث الأول : تطور أساس المسؤولیة الطبیة في ضوء نظام التامین المبحث الثاني : الحق في التعویض بین المسؤولیة الطبیة و الأنظمة الجماعیة للتعویض. ففي الفصل التمھیدي تناولت فیھ بالدراسة مفاھیم عامة في نظریة التامین ، وكذا في المسؤولیة الطبیة ، وقد قسمت ھذا الفصل إلى مبحثین ، الأول درست فیھ المفاھیم الأساسیة لنظام المسؤولیة المدنیة الطبیة من خلال أربعة مطالب تم التطرف فیھا إلى ماھیة المسؤولیة الطبیة و تطورھا التاریخي ابتدءا من ظھورھا و نشأتھا ، ثم تطورھا عبر العصور التاریخیة و الحضاریة المختلفة ، وصولا إلى استقرار الوضع القانوني للمسؤولیة المدنیة للطبیب في القوانین الحدیثة ، باعتبارھا مسؤولیة مدنیة تھدف إلى تعویض المضرور عن ما لحقھ من الضرر ، وجبره جبرا عادلا ، وتحقیقا للتوازن بین الذمم المالیة للأفراد ، وحمایتھم من تكرار الأخطاء الطبیة التي یكون المعالج أو الطبیب سببا فیھا. و ھكذا فبعد أن كان الطبیب أو المعالج لا یسال عن خطئھ في مھد الحضارات الإنسانیة أو یسال مسؤولیة قانونیة متمیزة بالعقاب و الانتقام في حضارات أخرى كحضارة الرومان ، جاء عھد الحضارة العربیة الإسلامیة الذي تجلت فیھ مسؤولیة الأطباء بوضوح عن أخطائھم ، ومن رحم ھذا الفقھ القانوني المتطور ، وفي ظل الحضارة الاروبیة الحدیثة ثم میلاد المسؤولیة المدنیة بقواعدھا المعروفة و استقلالھا عن المسؤولیة الجزائیة ، لتقرر محكمة النقض الفرنسیة بتاریخ 81 جوان 5381 مسؤولیة الأطباء عن أخطائھم ، و في قرار آخر 12 جویلیة 2681 ، قضت بقیام مسؤولیة الأطباء على أساس المواد 2831 و 3831 من القانون المدني الفرنسي ، إلا أن محكمة النقض الفرنسیة عدلت أخیرا عن رأیھا السابق لتقرر مسؤولیة الطبیب ذات الطبیعة العقدیة ، في قرارھا الصادر في 02 ماي 6391 بأنھا الأصل ، وان الاستثناء أن تكون ھذه المسؤولیة ذات طبیعة مقررة الطبیعة العقدیة لمسؤولیة الطبیب في القطاع الخاص كأصل عام . و قد أبرزت في المطلب الثاني إضافة إلى طبیعة المسؤولیة الطبیة ، أھمیة ھذه المسؤولیة و دورھا البارز من خلال وظیفتھا في جبر الضرر من جھة ، و منع تكرار الخطأ من جھة أخرى ، بردع المتسبب في الأخطاء الطبیة سواء كان الطبیب أو احد أعوانھ ، وللمسؤولیة المدنیة دور ھام في مواجھة الأخطاء الجسیمة و المتمیزة بارتباطھا باللوم الأخلاقي أو الإھمال ، وھذا بأعمال السلطة التقدیریة للقاضي في تحدید و تقدیر التعویض من حیث أن القاضي یمیل الى الزیادة في قیمة التعویض إذا كان جسیما و الى التخفیف منھ إذا الخطأ یسیرا. أما المطلب الثالث فتناولت فیھ أركان المسؤولیة المدنیة الطبیة من خطا و ضرر و علاقة سببیة بینھما ، إذ أن إثبات ھذه الأركان الثلاثة یقیم مسؤولیة الطبیب المخطئ ، ویلزمھ القاضي بالتعویض المدني كجزاء لمسؤولیتھ ، على الرغم من الصعوبة التي تجاه الضحیة ھذه الأركان و خاصة ركني الخطأ و علاقة السببیة ، و في المطلب الرابع درست فیھ أساس المسؤولیة المدنیة في المجال الطبي ، حیث أقامھا الفقھ و القضاء قدیما على أساس الخطأ ، وتوسع القضاء في اجتھاداتھ القضائیة فبعد أن كان یقیم مسؤولیة الطبیب على أساس الخطأ الثابت اتجھ شیئا فشیئا نحو تبني فكرة الخطأ المفترض ، وانتھى الى إقرار بالخطأ المفترض غیر القابل لإثبات العكس ، لیتطور الأمر أخیرا الى الأخذ بالنظریة الموضوعیة و بفكرة المخاطر كأساس للمسؤولیة الطبیة ، وھذا في سبیل تعویض الضحایا المضرورین ، تحقیقا للعدالة و إقرار المسؤولیة الفاعل أو المسؤول عن الضرر. و في المبحث الثاني تناولت بالدراسة مبادئ النظریة العامة للتامین من خلال أربعة مطالب أبرزت فیھا مضمون التامین و أھمیتھ و تقسیماتھ إلى تامین أشخاص و تامین أضرار بالنسبة للتامین البري إضافة إلى أھمیة تامین المسؤولیة الطبیة باعتباره نوعا من تامین الأضرار ، والتزامات و حقوق أطراف عقد خطر منھ أن یؤمن ذلك المال ، أو یؤمن ضد وقوع ذلك الخطر ، حیث یلتزم المؤمن بتعویض المؤمن لھ عن الضرر الذي یصیبھ في مالھ أو شخصھ . وفي ھذا الإطار جاء المشروع بإلزامیة التاْمین على المؤسسات الصحیة المدنیة،والأطباء من الممرضین و الصیادلة، أن یكتتبوا عقودا لتامین مسؤولیتھم المھنیة تجاه مرضاھم، طبقا لنص المادتین 761و961 من قانون التامین الجزائري، وبمقتضى عقد تامین المسؤولیة الطبیة تلتزم شركة التاْمین بتاْمین الطیب المؤمن لھ من التبعات المالیة المترتبة عن قیام مسؤولیة نتیجة الخطأ المرتب من طرفھ أو من طرف احد أعوانھ التابعین لھ،في حق المریض المضرور ورجوع ھذا الأخیر على المسؤول ومطالبتھ بالتعویض عن الضرر الذي أصابھ،وھذا ما قررتھ المادتین65و75 من قانون التاْمین الجزائري. وكأثر لعقد،منھا على الخصوص ِلتزام الطیب المؤمن لھ بتقدیم البیانات المتعلقة بالخطر المحتمل ا النشاط الطبي الممارس وكذا الإعلان عن تفاقم ھذا الخطر، والإعلام بوقوع الخطر في حالة تحققھ إضافة إلى ِلتزامھ بدفع قسط التاْمین،وفي مقابل ھذا یلتزم المؤمن بدفع مبلغ التامین أو التعویض ا للضحیة أو المریض المضرور ، و إجراء التسویات الممكنة معھ سواء كانت تسویة ودیة أو تسویة قضائیة ، إضافة إلى إمكانیة التزام المؤمن بدفع المصاریف القضائیة ، ویجب في حق المؤمن أن یضمن للضحیة الحق المباشر في مبلغ التامین دون غیره من دائني المؤمن لھ . و في الفصل الأول من ھذه الدراسة تناولت فیھ تأثیر التامین من المسؤولیة الطبیة على تعدیل أحكام و قواعد المسؤولیة المدنیة في المجال الطبي ، وقسمتھ إلى مبحثین ، الأول درست فیھ اثر التامین من المطالب الأربعة للمبحث الأول حدود مسؤولیة المؤمن و إدارتھ للدعوى المباشرة إضافة إلى التزام المؤمن لھ بعدم الاعتراف بالمسؤولیة و إمكانیة رجوع ھذا الأخیر بالضمان على المؤمن فالمؤمن الذي یلتزم بضمان مسؤولیة الطبیب المؤمن لھ ، و بحكم ضمانھ ھذا عدة حدود تحد من مسؤولیتھ منھا بند عدم التغطیة الإجباري ، وكذلك بند عدم ضمان الأضرار البسیطة نظرا لكثرتھا مما یشكل عبئا ثقیلا یصعب على المؤمن تحملھ ، ولھذا یلجا المؤمن إلى إدراج ھذه الشروط في عقد التامین بھدف الحد من مسؤولیتھ في الضمان ، مما یجعل المؤمن لھ المسؤول في مواجھة المضرور ، ویتحمل بنفسھ تعویض المضرور في ھذا الجزء الغیر المضمون من طرف المؤمن ، و یتضح دور التامین و أثره على المسؤولیة المدنیة من خلال ضمان المؤمن لمسؤولیة المؤمن لھ ، و اختفاء ھذا الأخیر خلف المؤمن ، حیث یضطلع المؤمن بإدارة دعوى المسؤولیة نیابة عن المؤمن لھ. و یتعین على الطبیب المؤمن لھ أن یمتنع عن مباشرة دعوى المسؤولیة بمقتضى الشرط الذي یضعھ المؤمن في عقد التامین یعطیھ الحق في إدارة دعوى التعویض ، ویكون من واجب المؤمن لھ تقدیم المستندات و الوثائق المتعلقة بالواقعة ، والتي تمكن المؤمن من الدفاع عن مصالح المؤمن لھ ، وبالتالي دفع مسؤولیة الطبیب ، و التخلص من الضمان ، كما یكون من حق المؤمن إجراء التسویة الودیة مع المضرور ، ویحضر على المؤمن لھ أن یتصالح مع المضرور في غیاب المؤمن أو دون علمھ ، ویقع باطلا كل اعتراف من المسؤولیة من طرف الطبیب المؤمن لھ أو احد أتباعھ ، و لا یمكن الاحتجاج بھذا الاعتراف على المؤمن ، وھذا ما أكدت علیھ المادة )85( من قانون التامین الجزائري ، حمایة لحق المؤمن ، ومنعا للتواطؤ الذي یمكن أن یحدث بین المؤمن لھ و المضرور. و إذا لم یتدخل المؤمن في الدعوى ، ولم یقم بإدارة الدعوى طبقا لشرط إدارة دعوى التعویض ، ولم عدم تدخلھ في الدعوى باتفاق بینھما ، وذلك إذا اقتضت مصلحة كل منھما ذلك . و في ھذه الحالة فان المؤمن ینتظر إلى صدور الحكم على المؤمن لھ بالتعویض ثم یتحمل مسؤولیتھ في ضمانھ ، و في حالة رفضھ ، یكون من حق المؤمن لھ الرجوع على المؤمن بدعوى الضمان الأصلیة إذا ما كان قد أوفى للمریض بحقھ في التعویض . أما المبحث الثاني فدرستھ من خلال مطالب تمثلت في اثر التامین على علاقة المضرور بالمؤمن لھ المسؤول ، و على علاقة المضرور بالمؤمن ، والحمایة التي توفرھا خاصیة التجرد من الدفوع للضحیة في مواجھة المؤمن ، و إمكانیة رجوع ھذا الأخیر على المسؤول عند الضرر بما أداه للضحیة من تعویض من غیر وجھ حق . وبم أن علاقة المضرور بالطبیب یحكمھا عقد العلاج الطبي الذي على أساسھ یمكن للمریض أن یطالب الطبیب المخطئ بالتعویض عن الضرر الدى أصابھ ویحكم علاقة الطبیب المسؤول بالمؤمن عقد تامین المسؤولیة الطبیة الذي یجعل من حق الطبیب المؤمن لھ على المؤمن ضمان تغطیة مسؤولیتھ ، ولان المضرور یعتبر أجنبیا عن المؤمن فقد تدخل المشرع وأعطى حقا مباشرا للضحیة في مواجھة مؤمن المسؤول عن الضرر ، یتمثل في امتیاز الدعوى المباشرة التي یملكھا المضرور وبواسطتھا یمكنھ الرجوع مباشرة على المؤمن ویطالبھ بمبلغ التامین أو التعویض الجابر لضرره جبرا كاملا ، فالدعوى المباشرة جعلت حق الضحیة في ذمة المسؤول یتعدى إلى مؤمن ھذا الأخیر ، لیقوم المؤمن بضمانھ ، دونھ مزاحمة بقیة دائني المؤمن لھ . إذا فالتامین من المسؤولیة ادخل علاقات جدیدة ومباشرة بین الضحیة والمؤمن ، لمن تكن لتوجد لولا النظام القانوني للتامین من المسؤولیة وارتباطھ بالقواعد العامة للمسؤولیة المدنیة الطبیة التي تبقى جنب مع دعوى التعویض المدنیة ، لأنھ الرأي الراجح في الفقھ یذھب إلى ضرورة تقریر مسؤولیة المؤمن لھ في الدعوى المباشرة ، بحیث یلزم للدعوى المباشرة إما الحصول على حكم یقرر مسؤولیة المؤمن لھ عن الضرر أو بإدخال المؤمن لھ خصما في الدعوى المباشرة ، وبھذا یمكن للضحیة الحصول على التعویض مباشرة من المؤمن . إضافة إلى ما سبق فان الضحیة في التامین الإجباري من المسؤولیة الطبیة یتمتع بامتیاز خاصیة التجرد من الدفوع القانونیة التي یملكھا مؤمن المسؤولیة في مواجھة المؤن لھ ، حیث اجاز القضاء للمؤمن التمسك بالدفوع السابقة على وقوع الحادث قبل الضحیة دون الدفوع اللاحقة على وقوع الحادث أو وقوع الضرر ،والتي یملك الضحیة تجاھھا خاصیة التجرد من الوقوع في إطار التامین الإلزامي أو الإجباري من المسؤولیة دون التامین الاختیاري ، ھذه الخاصیة التي تعتبر نظام استثنائي تأخذ بھ العدید من التشریعات ولكن بدرجات متفاوتة بغیة الوصول إلى أھداف معینة یحددھا كل مشرع منھا التشریع الفرنسي والمصري والأردني وكذلك التشریع الجزائري حیث نص المادة 371 ق.ت.ج على " .....یجب أن لا ینص عقد التامین على سقوط آي حقد ،یمكن أن یحتج بھ على الضحایا أو ذوي حقوقھم" كما نصت علیھا طرحة المادة 71 من نظام التامین الالزامى الاردنى بقولھا ".... یحق للغیر المتضرر مطالبة شركة التامین مباشرة بالتعویض ....ولا تسري بحقھ الدفوع التي یجوز لشركة التامین التمسك بھا تجاه المؤمن لھ " 1 ولھذا كان من مستلزمات إعطاء المشرع الحق المباشر للضحیة في التعویض واستئثاره بھ ثم امتیازه بخاصیة التجرد ،أن أعطى المشرع كذلك للمؤمن حق الحلول محل المؤمن لھ في الرجوع ضد الغیر المسؤول مع إمكانیة الرجوع على المؤمن لھ في حالات معینة ومطالبتھ باسترداد قیمة التعویض المسؤولیة عن الخطأ ألعمدي أو الغش أو إخلال المؤمن لھ بأحد التزاماتھ الواردة في عقد التامین . وبما انھ من حق الطبیب المسؤول الذي یفي بالتعویض كاملا للمریض المضرور ، أن یرجح على من اشترك معھ في المسؤولیة عن نفس الضرر الذي أصاب المریض ، فان مؤمن الطبیب المسؤول إذا قام بالوفاء بمبلغ التامین التعویض الكامل للضحیة عن المسؤولیة المشتركة بین الطبیب المؤمن لھ والغیر المسؤول ، فانھ من حقھ الرجوع مباشرة على الغیر المسؤول بدعوى الحلول محل المؤمن لھ ، بشرط أن لا یكون ھذا الغیر المسؤول من التابعین للمؤمن لھ ، لأنھم مشمولون بالتغطیة التأمینیة وقد أكدت محكمة التمییز )النقص( الأردنیة في قرار لھا على أن : "نظریة الحلول القانوني المنصوص علیھا في المادة 629 من القانون المدني الأردني تقتصر على جواز حلول المؤمن محل المؤمن لھ بما دفعھ من ضمان عن الغیر ، ولا تحول شركة التامین الحق بالحلول محل المضرور..." أما الفصل الثاني المعنون بضمان التعویض وعلاقتھ بتطور أساس المسؤولیة الطبیة في ضوء التامین فقسمتھ إلى مبحثین ، المبحث الأول فدرست فیھ تطور أساس المسؤولیة المدنیة الطبیة في ضوء التامین ، والمبحث الثاني فتناولت فیھ الحق في التعویض بین المسؤولیة الطبیة والأنظمة الاجتماعیة للتعویض ، حیث أبرزت تطور أساس المسؤولیة الطبیة من خلال أربعة مطالب ھي أزمة المسؤولیة المدنیة ودور التامین كعامل مؤثر ، ثم الأساس التقلیدي والأساس الحدیث للمسؤولیة واثر التامین في ھذا التحول إضافة الأسس التي اقترحت للمسؤولیة المدنیة الطبیة . ذلك أن وضع المسؤولیة المدنیة بعد أن استقر وفق النظریة التقلیدیة ولمدة طویلة من الزمن استمرت إلى بدایة القرن التاسع عشر أین شھدت أوروبا تحولات عمیقة في البیئة الھیكلیة لاقتصادیتھا بتحویلھا من مجتمعات وزراعیة إلى مجتمعات صناعیة تسودھا التقنیات الحدیثة وكثرة الآلات والتجھیزات المختلفة وتضاعف حوادث العمل وحوادث النقل نتیجة العدد الھائل لوسائل النقل المختلفة ، ھذه القانوني للمسؤولیة المدنیة ، وكذلك نظام الإثبات فیھا على الاستجابة للمتطلبات المستجدة مما شكل عائقا أمام المضرورین والضحایا في حصولھم على حقھم في التعویض عن الأضرار التي أصابتھم وبدا عجز النظریة التقلیدیة واضعا أمام ھذه التطورات المتلاحقة مما ادخل المسؤولیة المدنیة في أزمة حقیقیة اضطرت الفقھاء ورجال القانون وخاصة القضاة إلى اجتھادات مختلفة غایتھا التوصل إلى حلول جدیرة بالتطبیق تحقق العدالة بین الأفراد . وإذا كان ھذا واقع المسؤولیة المدنیة بصفة عامة ، فان المسؤولیة المدنیة الطبیة التي تستند إلیھا ظلت محافظة على قواعدھا وفق النظریة التقلیدیة القائمة على أساس الخطأ، ولفترة جد معتبرة من الزمن ، حیث لم تشھد التغیرات التي عرفتھا المسؤولیة المدنیة ، ذلك انھ المجال الطبي خلال القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر ، والى غایة بدایة القرن العشرین اعتمد في نشاطھ على وسائل للطب العیادي لم تكن تستخدم الكثیر من الأدوات والأجھزة ، ولم تكن التدخلات والعملیات الجراحیة تستدعي التجھیزات والتقنیات المستحدثة ، والتي أصبح اللجوء إلیھا في القرن العشرین ضرورة حیویة مع تطور علوم الطب ، وازدھار عالم التكنولوجیات الحدیثة ، مما كان لھ الأثر في التزاید المستمر في استخدامات ھذه الأجھزة والتقنیات في عملیات التدخل الطبي المختلفة سواء تعلق الأمر بالفحص أو الكشف أو المعالجة ، وخاصة في العملیات الجراحیة . وبدا واضحا في النص الثاني من القرن العشرین عدم قدرة النظام التقلیدي للمسؤولیة الطبیة على الاستجابة للأوضاع الجدیدة التي أو ما تحدثھ الأدویة ووسائل العلاج المختلفة من أضرار للمرضى نتیجة الحوادث الطبیة المختلفة ، والتي تتزاید باستمرار متسببة في إصابة التكامل الجسدي للمریض و في الإخلال بالسلامة الصحیة للمریض . وإذا كان النظام القانوني الجید ھو ذلك النظام الذي یضمن الحمایة لكلا الطرفین المریض والطبیب ، البحث عن نظام أخر یستجیب لمتطلبات الحیاة وظروفھا المستجدة بما یحقق مصلحة المرضى المضرورین والأطباء على حد السواء . إن لجوء القضاء إلى التوسع في مفھوم فكرة الخطأ شكل قفزة نوعیة في سبیل ضمان تعویض المرضى المضرورین جراء الأخطاء والحوادث الطبیة ، حیث عمد إلى التوسع في الواجبات القانونیة المفروضة على الطبیب المعالج وكذا الالتزامات الملقاة عاتقة ، ومنھا الالتزام بالحصول على رضا المریض مع واجب إحاطتھ علما أو إعلام المریض بطبیعة العلاج الذي سیخضع لھ ،والنتائج المحتملة لھ ، والمخاطر التي یمكن ان یتعرض لھا . كما تشدد القضاء في مساءلة الأطباء المخطئین بھدف ضمان سلامة المرضى وضمان حقھم في التعویض سواء من خلال منع الاتفاق على الإعفاء من المسؤولیة إذا ما تعلق الضرر بجسم الإنسان وصحتھ ، أو من خلال ابتداعھ لنظریة تفویت الفرصة على المریض في الشفاء أو في الحیاة ،ذلك انھ أمام صعوبة إثبات علاقة السببیة بین خطا الطبیب والضرر الذي أصاب المریض ، ذھب القضاء إلى أن آي خطا من الطبیب المعالج یفوت على المریض فرصة الشفاء یعتبر مرتبطا برابطة سببیة كافیة لنشوء مسؤولیتھ ، كما اھتدى القضاء إلى فكرة الخطأ المفترض حیث أصبح یستخلص الخطأ من مجرد وقوع الضرر متى كانت القرائن قاطعة الدلالة على حدوث الخطأ الطبي . ونظرا لكثرة الحوادث الطبیة نتیجة التطورات المتلاحقة في میدان العلوم الطبیة ، والتقنیات المستحدثة في الكشف والتشخیص والعلاج ، وأمام كثرة الدعاوي المرفوعة ضد الأطباء ، وخاصة بعض الدول الأوروبیة ومنھا فرنسا وبلجیكا ، وضغط المشكلات المثارة أمام القضاء ، والصعوبات التي تعترض إثبات الخطأ الطبي ، وعدم التمكن من تحدید مصدر الضرر الحاصل للمریض ، حیث یبقى مجھولا ، فان القضاء اتجھ شیئا فشیئا نحو تبني المسؤولیة الموضوعیة بدون خطا ، وخاصة بالنسبة للحوادث أساس الخطأ . أما القضاء العادي فقد سبق إلى الاجتھاد في إدخال مبدأ الالتزام بسلامة المریض من خلال الالتزامات العقدیة والقانونیة الملقاة على عاتق المریض ، ھذا الواجب وان كان لا یعني أن یلتزم الطبیب بشفاء المریض ، إلا انھ یفید بان یلتزم الطبیب المعالج بالا یعرض المریض لأي أدى من جراء ما یستعملھ من أدوات وأجھزة أو ما یعطیھ من أدویة وبالا ینتقل إلیھ مرضا أخر نتیجة العدوى ، وقد تبلور ھذا التصور القضائي حدیثا من خلال اجتھادات محكمة النقض الفرنسیة ، حیث اعتبر التزاما تبعیا للالتزام ببدل عنایة واستطاع القضاء من خلال ھذا الالتزام بان یرتقي ببعض الواجبات القانونیة الملقاة على عاتق الطبیب إلى مستوى الالتزام بتحقیق نتیجة . وإذا كان القضاء قد قرأ بان المسؤولیة الطبیة بدون خطا ھو الحل الأمثل الواجب التطبیق والذي یتعین الآخذ بھ في كل حالة یرجع فیھا الضرر المتحقق إلى واقعة یمكن وصفھا بالحادثة الطبیة ، فان یمكن القول بان تامین المسؤولیة الطبیة أو التامین المباشر یبدو أمرا مقبولا ، وفي ھذا الإطار جاء تدخل المشرع الفرنسي من خلال القانون رقم 303-2002 الصادر في 40 مارس 2002 المتعلق بحقوق المرضى ونوعیة النظام الصحي ، والذي الزم كل الأطباء الممارسین ، وجمیع المؤسسات الصحیة بالتامین الإجباري من المسؤولیة المدنیة والإداریة بنص المادة )2-2411 (Lمن قانون 4 مارس 2002 ، وضمن التعویض للمرضى المضرور نتیجة الأخطاء والحوادث الطبیة ومخاطر العلاج ، حیث غیر نھائیا ھذا القانون طبیة المسؤولیة الطبیة في فرنسا ، ومساءلة التعویض عن نتائج المخاطر العلاجیة ، والتي سماھا القانون بالمخاطر الصحیة . وھكذا یتضح أن السعي إلى إیجاد أساس للمسؤولیة المدنیة في المجال الطبي والتي یقوم علیھ تعویض المرضى المضرورین ، سواء من خلال اجتھادات الأستاذ اندریھ تانك ) (A.TUNCوالتي طرحھا أمام التامین في ضمان التعویض ، وخاصة بالنسبة للحوادث الطبیة أو اللجوء إلى التامین المباشر أو التعویض بقوة القانون ومن خلال مبدأ التضامن الوطني الذي جاء بھ قانون 4 مارس 2002 بفرنسا ، وما جاء بھ القانون السویدي في قانون أول ینایر 7991 الذي جعل تعویض المضرورین في نطاق التامین الإجباري المباشر بالنسبة للحوادث الطبیة . أما المبحث الثاني :منذ ھذا الفصل فدرست فیھ الحق في التعویض بین المسؤولیة المدنیة الطبیة والأنظمة الجماعیة للتعویض من خلال التطرف إلى المطالب الأربعة التالیة والتي تمثلت في الحق في التعویض بین المسؤولیة الطبیة،ولتامین من المسؤولیة ،ثم الحق في التعویض بین التامین من المسؤولیة الطبیة وكل من التامین الاجتماعي وعن طریق الدیوان الوطني للتعویضات المدنیة ومبالغ التامین ، وباعتبار الصفة التعویضیة التي تمیز التامین من الأضرار ، فان المشرع الجزائري أجاز الجمع بین التعویض المدني وفق القواعد العامة للمسؤولیة المدنیة ومبلغ التامین من المرض باعتباره نوع من التامین عن الأشخاص وھذا طبقا لنص المادة 16 من قانون التامین الجزائري ، إلا انھ وبإعمال الصفة التعویضیة في التامین من المسؤولیة فانھ لا یجوز للمریض المضرور بین یجمع بین التعویض المدني الذي یحصل علیھ من الطبیب المسؤول ، ومبلغ التامین عن التامین من المسؤولیة الطبیة من مؤمن الطبیب المسؤول ،لأنھ بھذا یحصل على أكثر من حقھ في التعویض ،وھو إثراء بلا سبب . كما یمكن للمریض المضرور انھ یجمع بین التعویض الجزائي الذي یضمنھ قانون التامین الاجتماعي وتعویض تكمیلي من مبلغ التامین الذي یضمنھ التامین من المسؤولیة الطبیة حسب الرأي الراجح من أراء الفقھاء ، والتطبیقات الحدیثة للقضاء الإداري والعادي على حد السواء ، وھذا إذا ما أخطا الطبیب أو اخطأ المستشفى بحادث العمل آي حادث العمل یشكل في نفس الوقت خطا طبیا . أما المشرع الفرنسي ومن خلال قانون 40 مارس 2002 ، فقد جعل تعویض المرضى المضرورین مسؤولیة الطبیب مؤمن المسؤولیة وفق النظام التامین من المسؤولیة الطبیة أما الحوادث الطبیة والأضرار الناتجة عن العلاج affections iatrogènesوكذلك التعفنات والنتنات المتعلقة في المستشفى infectionفیتم تعویضھا بقوة القانون وعلى أساس مبدأ التضامن الوطني من طرف الدیوان الوطني للتعویضات الذي تمولھ الخزینة العامة ومن أموال التامین الصحي ، كما یتدخل الصندوق لتعویض المرضى في حالة انعدام التامین من المسؤولیة أو في حالة إفلاس مؤمن الطبیب المسؤول . إن ضرورة إیجاد نوع من التكامل بین نظام المسؤولیة المدنیة الطبیة والأنظمة الجماعیة للتعویض تبدو حتمیة لا مفر منھا من اجل توحید إمكانیة الحصول المریض المضرور على حقھ في التعویض من جھة ، وضمانھ حمایة الأطباء بصفة خاصة والنشاط الطبي بصفة عامة من تبعات المسؤولیة المدنیة . إن مسیرة التحول والتطور الحالي وصلت إلى مستوى تقرر فیھ بجلاء ذلك التحول من المسؤولیة الشخصیة أو الفردیة القائمة على الخطأ سواء كان ثابتا أو مفترضا في إطار النظریة التقلیدیة إلى مستوى المسؤولیة الجماعیة أو ما یعرف باجتماعیھ المسؤولیة من خلال مساھمات كل من التامین الاجتماعي والتامین . من المسؤولیة ،وكذلك التامین المباشر ، حیث أضحى المؤمن لھ المسؤول یختفي وراء المؤمن ومن خلفھ مجموع المؤمن لھم ، وھكذا یتمكن التامین من حمایة الأطباء المؤمن لھم من خطر المسؤولیة الطبیة . ،و حمایة الأطباء . 2- عدم قدرة نظام التامین من المسؤولیة الطبیة على الوفاء باحتیاجات الضحایا أو المرضى المضرورین ، وضمان التغطیة التأمینیة الشاملة لمختلف أوجھ النشاط الطبي نتیجة عزوف شركات التامین عن ضمان عدد من الأنشطة التخصصیة والھامة في المجال الطبي . 3- ازدیاد وتضاعف أعداد الحوادث الطبیة المسجلة من سنة لأخرى ، وعدم قدرة شركات التامین على التكفل بالأعباء المالیة المترتبة عنھا . 4- ارتفاع الكلفة المالیة الناتجة عن ضمان المخاطر الطبیة وأضرار العلاج الطبي نتیجة الحوادث الطبیة ، وكذا دعاوي المسؤولیة مما استدعى تدخل الدولة عن طریق التامین المباشر . وان الاستقراء المتأني للنتائج المتوصل إلیھا یجعلنا نلتمس جملة التوصیات الآتیة : 1- ضرورة إخضاع المسؤولیة الطبیة التقلیدیة لنظام التامین من المسؤولیة الإجباري. 2- قیام نظام للتامین شبیھ بالتامین الاجتماعي بضمنا ضرار الحوادث الطبیة ومخاطر العلاج المرتبطة بھا على أساس نظریة المخاطر ،ممول من طرف شركات التامین والمؤسسات الصحیة والأطباء والمرضى وكذا خزینة الدولة 3- إنشاء صندوق وطني لضمان الكوارث والأضرار الطبیة الاستثنائیة ممول عن طریق الدولة لضمان مسؤولیتھا على أساس مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة 4- قیام نظام للتامین المباشر والتعویض الآلي عن أضرار المرضي مجھولة المصدر ،وغیر المضمون طبقا لقواعد المسؤولیة الطبیة .
Mots-clès:
Nos services universitaires et académiques
Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).
Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!