مسؤولية المستشفيات عن الأمراض العقلية
2013
Mémoire de Magister
Droit

Université Djillali Liabès - Sidi Bel Abbès

B
Benzellat, Hafidh
M
Mouane, Mustapha

Résumé: ‫إن الإدارة في معناها العام، تتجسد في مجموعة من المرافق العامة، التي تديرها‬ ‫المؤسسات العامة، من خلالها تتجسد المصلحة العامة للمجتمع.‬ ‫لكن هذه الهيئات والمؤسسات، عند قيامها بالخدمة العامة، قد تحيد عن ذلك أحيانا‬ ‫بفعل منها أو بفعل من مستخدميها، وهذا ما يولد مسؤوليتها تجاه من سبب له ضررا.‬ ‫هذه المسؤولية نجدها قد كانت مؤسسة أو مبنية على قواعد القانون المدني حيث أن‬ ‫كل من تسبب في إحداث ضرر للغير يلتزم بالتعويض هذا بوجود الخطأ والضرر‬ ‫والعلاقة السببية التي تربط بينهما وهو الشائع وفق النظرية العامة للقانون.‬ ‫وبعد سيادة مبدأ عدم مسؤولية الدولة، وعدم تقييم تعويض عن الأضرار التي تسببها‬ ‫الأشخاص والهيئات الإدارية التابعة لهما، التي جاءت كأعمال تظهر فيها الدولة‬ ‫كسلطة آمرة لها السيادة والسلطان لأنها أعمال مستمد من السلطة العامة ‪ACTE DE‬‬ ‫‪.UISSANCE PUBLIQUEP‬‬ ‫وفي منتصف القرن التاسع عشر، بدأت المحاكم الإدارية الفرنسية في تطبيق‬ ‫مسؤولية الإدارة عن أعمال موظفيها، التي تسبب أضرارا للغير)الأفراد( أثناء قيامهم‬ ‫بأعمال وظيفية.‬ ‫فقد جاء حكم بلانكو الشهير في 80/20/3781، ليع طي للقضاء الإداري الفرنسي‬ ‫الضوء الأخضر ليشق طريقه بكل جسارة، و إقدام في مواجهة السلطة العامة في‬ ‫الدولة، في رسم معالم هذه المسؤولية و إرساء قواعدها الموضوعية والمستقلة عن‬ ‫قواعد المسؤولية المدنية.‬ ‫فمبدأ هذا القضاء يرسخ ويعمق مسؤولية الإدارة عن أعمال موظفيها غير‬ ‫الأفراد بفعل الأشخاص الذين يستخدمهم المرفق العام،لا يمكن أن تنظمها المبادئ‬ ‫القائمة في التقنين المدني ، وأن هذه المسؤولية ليست مطلقة ولها قواعدها الخاصة‬ ‫التي تختلف تبعا لحاجيات المرفق العام وضرورة التوفيق بين حقوق الدولة وحقوق‬ ‫الأفراد.‬ ‫وأخذ القضاء الإداري الفرنسي، مستغلا لإستقلاله للقواعد الموضوعية وقواعد‬ ‫الاختصاص التي تحكم المسؤولية الإدارية، بالتوسع في نطاق مسؤولية الإدارة عن‬ ‫أعمال موظفيها وذلك عن طريق التوسع في الأساس القانوني لهذه المسؤولية، حتى‬ ‫توصل الآن ليشمل مبدأ المسؤولية هذا، جميـــــع أعمال الدولة في رقابته،‬ ‫دون تمييز بين أعمال السلطة وأعمال الإدارة.‬ ‫وفي الجزائر، وخاصة بعد استعادتها للسيادة الوطنية والاستقلال فقد تقرر مبدأ‬ ‫مسؤولية الدولة عـن أعمال موظفيها، لأنه يتعين أن تصبح العدالة أداة للدفاع عن‬ ‫مصالح الأفراد لا لخدمة أصحـاب الامتيازات، وأن تكون وسيلة لتوعية الجماهير،‬ ‫لا أداة قصر وإكراه.‬ ‫إن الجزائري الذي قاسى كثيرا وطويلا من إستبداد وتعسف الإدارة الاستعمارية،‬ ‫وانحراف العدالـة كان ينتظر بعد الاستقلال واستعادة السيادة الوطنية، أن يسود‬ ‫مبدأ مسؤولية الدولة، فكان ظهوره وتطبيقه أمرا حتميا في الجزائر الجديدة.‬ ‫لقد عرفت الجزائر بعد الإستقلال مبدأ مسؤولية الدولة، وطبقت النظرية‬ ‫الفرنسية المتكاملة البناء قضائيا، وتشريعيا وفقهيا، لا سيما الجانب الموضوعي منها‬ ‫لصالح وفائدة المواطن الجزائري إلى غاية عام 5691 م، حيث قامت حركة تشريعية‬ ‫هامة في نطاق مسؤولية الدولة، التي نصـت على هذا المبدأ وضرورة تطبيقه عن‬ ‫طريق التوسع في أسس المسؤولية القانونية، من الخطــأ الشخصي للموظف العام،‬ ‫الإدارة أو المؤسسة العامة التي يتبعها هذا الموظف العام أن تحميه من العقوبات‬ ‫المدنية المتخذة ضده، بشرط أن يكون الخطأ الشخصي الخارج عن ممارسة مهامه‬ ‫غير المنسوبة إليه.‬ ‫إن المرافق العامة تتعدد وتتنوع والتي تديرها المؤسسات العامة، ومن بينها مؤسسة‬ ‫المستشفى العام وما يترتب عنها من مسؤولية طبية، ناتجة عن أعمال طبية يقوم بها‬ ‫الطبيب في هذه المؤسسة والتي قد تتسبب في إحداث أضرار للغير خاصة بعدما‬ ‫تطورت شعب الأعمال الطبية وانتشرت الأخطـــــاء فيها وازدادت الأعمال‬ ‫البيولوجية التي تمس بالكيان البدني للإنسان.‬ ‫قد أثارت قواعد المسؤولية عن الأخطاء الصادرة من الفنيين كالأطباء أثناء‬ ‫تأدية وظائفهم الكثير من التساؤلات لأنها من طبيعة خاصة، مما يثير النقاش‬ ‫حول كيفية تحديدها وما يترتب عليها من نتائج.‬ ‫وفي الميدان الطبي كذلك أثارت المسؤولية عن الأخطاء الشخصية للأطباء بكافة‬ ‫أنواعهم: الطبيب العام، الطبيب الجراح، طبيب التحذير، طبيب الأسنان العديد من‬ ‫الجدل على مستوى القضــاء الفرنسي والمصري، و كذلك على مستوى القضاء‬ ‫الجزائري.‬ ‫وتبدو حساسية هذا الموضوع من خلال اتصاله بالجسم الإنساني وما يقتضيه‬ ‫ذلك، من إحترام وتقدير، فالقضاء هنا في حيرة بين أمرين: الأمر الأول وهو‬ ‫حماية المرضى، مما قد يصدر من الأطباء من أخطاء قد تكون لها آثار سيئة‬ ‫وضمان توفير العناية الطبية اللازمة من خلال تأكيد مسؤولية الأطباء والأمر الثاني‬ ‫هو توفير الحرية اللازمة للأطباء، في معالجة مرضاهم فالطبيب الذي يخشى‬ ‫تشديد المسؤولية سوف يحجم عن الإقدام، لفحص المريض وتبني الطرق اللازمة‬ ‫التي تستدعيها حالة المريض، فعمل الطبيب يجب أن يتم في جو كاف من الثقة‬ ‫البداية مسائلــة الأطباء عن أخطائهم ولكن مع استقرار مبادئ المسؤولية المدنية‬ ‫والإدارية، أصبح من الممكن مساءلتهم عن الأخطاء العمدية،ثم تطورت‬ ‫المسؤولية بعد ذلك فأصبح رجال الطب مسؤوليـن عن الإهمال والخطأ الجسيم.‬ ‫ورغم تدمر الأطباء، إلا أن التطور قد استمر و بدأ الالتزام ببذل عناية المفروضة‬ ‫على الأطباء وبدأت تتضح معالمه أمام القضاء إذ أصبح على الطبيب أن يبذل أمام‬ ‫مريضه العناية اليقظة، التي تقتضيها ظروف وأصول المهنة، على ضوء التطور‬ ‫العلمي، وإلا فإن المسؤولية الطبية عن مخالفة هذا الإلتزام، ولو عن غير قصد يمكن أن‬ ‫تثور أمام القضاء.‬ ‫وقد شهد تطور المسؤولية الطبية أمدا كبيرا في العصر الحاضر، عن طريق‬ ‫زيادة الوعي الذي بدا ملحوظا في تعدد رفع دعاوى المسؤولية، ضد رجال ال طب‬ ‫عما صدر منهم من أخطاء أثناء تأديتهم للوظيفة .‬ ‫ولقد ساعد هذا التطور زيادة التقدم العلمي في طرق العلاج وما صحب ذلك من‬ ‫نجاح، ومن مضاعفة في المخاطر من جهة، ونشر الثقافة الطبية من جهة‬ ‫أخرى، فلم يعد التزام الطبيب قاصرا في بعض الحالات على بذل العناية بل أن‬ ‫الأمر قد تحول للالتزام بتحقيق نتيجة، ألا وهي سلامة المريض وصحة العمل‬ ‫الطبي الذي يقوم به، ويتحقق ذلك في الحالات التي يكون محلها محددا تحديدا دقيقا‬ ‫ولا تحمل أي صعوبة بالنسبة للطب العادي ونظرا للتقدم العلمي الذي أحرزه مجال‬ ‫الطب، أصبح الأمر لا يتضمن عنصر الاحتمال اللصيق بغالبية الأعمال الطبية، ومن‬ ‫أمثلة حالات إلتزام الطبيب بنتيجة عمليات نقل الدم، وإجراء التحاليل.‬ ‫ولقد أدى التقدم العلمي، أيضا إلى مساهمة أكثر من طرف القائم بالعمل الطبي‬ ‫تبعية أو إستقلال( من جهة، وتداخل مهام كل منهم من جهة أخرى.‬ ‫ومما لاشك فيه أن الدولة باعتبارها صاحبة السلطة والسيادة في إقليمها تضطلع‬ ‫بمسؤوليات كبيرة في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية،‬ ‫الأمر الذي يفرض عليها تكريس حماية أكبر لمواطنيها ولا سيما الفئات الضعيفة‬ ‫كالمرضى، ولما كانت الدولة تتحمل مسؤولية ضمان حماية الصحة وكذا العلاج‬ ‫القاعدي من منطلق أنها صاحبة السلطة بأشكالها )التشريعية، التنفيذية، القضائية(‬ ‫قي البلاد، فإن أي خطر يصدر تتحمل بموجبه المسؤولية.‬ ‫وبما أن مجال الصحة، وتقديم‪ ‬العلاج والخدمات الطبية، باعتباره من أهم أولويات‬ ‫الدولة قد عرف تطورا ملموسا وتغييرا واضحا نتيجة للمعطيات والمستجدات العلمية‬ ‫والتطورات التكنولوجية سواء على مستوى النظريات أوالأساليب أو الوسائل أو‬ ‫الأجهزة من جهة، ونتيجة دور الدولة في ضمان العلاج وحماية المرضى عن‬ ‫طريق المستشفيات العمومية وفقا للتغيرات الدولية والعالمية التي مست الدولة في‬ ‫مختلف جوانبها من جهة أخرى.‬ ‫فمبدأ مسؤولية الدولة في الجزائر ليس حديث النشأة، إذ عرف هذا المبدأ‬ ‫في التشريعات القديمة أين كان النظام القانوني السائد هو نظام إسلامي تحكمه‬ ‫قواعد الشريعة الإسلامية تحت ظل الأعراف والتقاليد الوطنية، وفي الشريعة‬ ‫الإسلامية توجد قواعد عامة تقرر دفع الأضرار عن الرعية مهما كان مصدر هذا‬ ‫الضرر وذلك طبقا للحديث النبوي الشريف "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" .‬ ‫إلا أنه مع ظهور الأمراض، والتعرف عليها علميا، والتقدم العلمي الذي‬ ‫واكب هذه العملية أدى إلى إحصاء الأمراض التي يمكن أن يصاب بها الإنسان كما‬ ‫من خدمات المرافق الصحية كما هو الحال بالنسبة للنظام القانوني الجزائري فكان‬ ‫النظام السائد، أن يقاضى الأطباء بمختلف أصنافهم من طرف المتضررين من‬ ‫الأعمال الطبية، سواء كانت طبية محضة أو من أعمال العلاج و مساعديهم أمام‬ ‫المحكمة المدنية لأجل مطالبتهم بالتعويض عن الأخطـاء التي يرتكبونها أثناء‬ ‫ممارسة وظائفهم ويكون ذلك إما بدعوى مدنية مستقلة، أو بدعوى تبعية للدعوى‬ ‫الجزائية، أو بدعوى مدنية إثر حفظ الحقوق في الدعوى الجزائية.‬ ‫فالمستشفى العام وفقا لما جاء في المرسوم التنفيذي رقم 70/041 المنظم لها والتي‬ ‫عرفها المشرع الجزائري في نص المادة 20 منها بـ :" المؤسسة العمومية‬ ‫الإستشفائية هي مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تتمتع بالشخصية المعنوية‬ ‫والإستقلال المالي توضع تحت وصاية‬ ‫الوالي"1.‬ ‫أوضحت هذه المادة، الطابع القانوني للقطاع الصحي، وإعتبرته صراحة ذوطابع‬ ‫إداري ومنه فهو يدخل ضمن مؤسسات ذات الطابع الإداري المنصوص عليها‬ ‫في المادة 008 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية2 ونفس الشيء بالنسبة‬ ‫للمؤسسات الإستشفائية المتخصصة، والمراكز الإستشفائية الجامعية فالطبيعة‬ ‫القانونية للمؤسسة الإستشفائية العمومية هي التي تحدد لنا نوع الدعوى التي يقيمها‬ ‫المريض المضرور.‬ ‫والطب كأي مهنة أو وظيفة أخرى، له قوانينه و قواعده، وأعرافه وتقاليده‬ ‫وأصوله الفنية وما أولته لهذه المهنة التشريعات الوطنية والقوانين الدولية، والتي‬ ‫اهتمت بهذه المهنة الإنسانية وعلى الطبيب أن يراعي تلك الأصول والقواعد وأن‬ ‫يبذل في سبيل ذلك العناية اللازمة وفقا للظروف‬ ‫1 _المادة 20 من المرسوم التنفیذي رقم 70/041 المؤرخ في 91/50/7002 المتضمن إنشاء المؤسسات العمومیة الإستشفائیة‬ ‫والمؤسسات العمومیة للصحة الجواریة وتنظیمھا وسیرھا، العدد 33 الصادر بتاریخ 02/5/7002.‬ ‫المضرور أن الطبيب قد قصر في أداء واجبه، تقصيرا يكون سلوكا خاطئ من‬ ‫جانبه، وعلى ذلك يكون الخطأ هنا هو إخلال الطبيب، بالإلتزام ببذل العناية اللازمة.‬ ‫أهمية الموضوع: إن هذا الموضوع، وما ينطوي عليه من إشكاليات وتعقيدات‬ ‫عملية وعلمية ونظرية وميدانية جعل له أهمية موضوعية، وأخرى شخصية ذاتية.‬ ‫الأهمية الموضوعية: وهي ما ينطوي عليه هذا البحث، من طبيعة خاصة ومن‬ ‫تزايد المشاكل المسببة من طرف المرضى داخل المصحات العقلية وخارجها من‬ ‫ضرب وقتل وإنتحار، وما صحب ذلك من مخاطر تثير التساؤل حول من‬ ‫المسؤول عنها، ومدى إسهام القضاء، في هذا المجال لتحديد المسؤولية، وما تثيره‬ ‫مسؤولية الطبيب، من مسؤولية نوعية تختلف عن مسؤولية الشخص العادي، وكذا‬ ‫لما يتميز به الطبيب، من طبيعة فنية وعلمية ودقة وتعقيد، ومن هنا بات هذا الموضوع،‬ ‫ذا أهمية موضوعية كبرى.‬ ‫الأهمية الشخصية والذاتية: أول سبب جعلني أميل لهذا الموضوع، النقص الرهيب‬ ‫الذي يعانيه على مستوى الدراسات التي تهتم بهذا المجال، بالرغم من التقدم العلمي‬ ‫المبهر، في المجال الطبي الذي إجتاز كل الأفاق.‬ ‫وكذا من الأسباب الداعية، لخوض غمار هذا الموضوع، نوعية مسؤولية‬ ‫الطبيب، ونوعية خطأه الشخصي، لما ينطوي عليه، من دقة فنية وعلمية وعملية.‬ ‫وإسهاما مني ولو بشكل بسيط ومحتشم، في زيادة الوعي الذي بذا ملاحظا،‬ ‫في عصرنا الحاضر، لتعدد الدعاوى المرفوعة، ضد رجال الطب بشكل عام عن‬ ‫الأخطاء التي تصدر منهم.‬ ‫الإشكالية: وتتمثل الإشكالية المطروحة، في هذا البحث، في تحديد مسؤولية‬ ‫لنظام المسؤولية الإدارية، هذا بالنسبة للشطر الأول من الإشكالية.‬ ‫أما الشطر الثاني منها، فيبحث في تحديد وإبراز النظام الخاص بهاته المصحات‬ ‫العقلية من كيفية معالجة هؤلاء المرضى العقليين، وكيفية تحديد رضاهم في قبول‬ ‫العلاج.‬ ‫والمهم هنا أنه عند، تقدير خطأ الطبيب، يجب الالتزام بمعيار موضوعي للقول‬ ‫بوجود أو عدم وجود الخطأ، وتلك مسألة واقع،تختص فيها محكمة الموضوع،على‬ ‫ضوء ما يقرره أهل الخبرة في شؤون الطب، ومن المقرر أن المسؤولية، عن‬ ‫الخطأ الشخصي، لا تنعقد على رأس الطبيب، إلا إذا كان قد إرتكب، بالفعل خطأ‬ ‫فنيا، في ممارسة عمله كطبيب، ولا يكفي أن يكون ما نسب إليه مجرد غلط في‬ ‫التقدير.‬ ‫غير أن الأمر ليس بهذه السهولة، إذ كثيرا ما يختلط ويشتبه، غلط الطبيب في‬ ‫التقدير بالخطأ وذلك يلقي بضرورة على قاضي الموضوع، وهو بصدد إصدار حكمه‬ ‫على الواقعة، واجبا يتخلص في عدم تجريده، للحادث من الظروف الموضوعية،‬ ‫التي أحاطت به، فضلا عن الظـروف والملابسات والأوضاع الأخرى، ويجب‬ ‫أن يضع نفسه، موضع الطبيب ويتساءل ما عساه أن يفعل، حينما يواجه بمثل تلك‬ ‫الظروف، فإن بدت الحلول عديدة، للخروج من المأزق، ولم يشأ الطبيب أن‬ ‫يسلك إحداها، فلا ريب، أن يكون إرتكب خطأ وحقت مساءلته، وعلى العكس من‬ ‫ذلك، إذا إختار حسب إجتهاده، أحد الحلول الممكنة، في مثل هذا الواقع، ولكن‬ ‫لم يوفق رغم ذلك، في تفادي الكارثة، فإنها تدخل في مجال القدر، ولا يعدو كون ما‬ ‫يمكن نسبته للطبيب عن مجرد غلط في التقدير، ليس من شأنه أن تترتب عليه‬ ‫المهنة، ويقظة الضمير، فلقد تحددت روابط وقوانين، هذه المهنة منذ نشأتها، على يد‬ ‫أبو الطب)أبو قراط(.‬ ‫وسنت لها القيم السلوكية، قبل أن تضعها الأنظمة التشريعية، والقسم واجب على‬ ‫من يمتهن هذه المهنة أن يؤديه قبل، أن يسمح له مباشرة عمله، في هذا التخصص‬ ‫الإنساني.‬ ‫وكذلك جاءت التشريعات والقوانين الموضوعة، لتنظيم مهنة الطب، أشد وأدق‬ ‫وأشمل من القوانين التشريعية الأخرى.‬ ‫ولقد أصبح موضوع مستشفيات الأمراض العقلية، مجالا من مجالات مسؤوليات‬ ‫المستشفيات بصفة عامة ومسؤولية الأطباء الخاضعين لها بصفة خاصة.‬ ‫ولأجل هذا كان لابد أن يكون موضوع البحث، حول جوانب وإشكالات‬ ‫وتكييفات، المسؤولية الشخصية للطبيب والتي هي ناتجة، عن الخطأ الشخصي‬ ‫للطبيب المختص في الأمراض العقلية في المستشفى العام.‬ ‫ونظرا لطبيعة هذا الموضوع، فإن المنهجين، التحليلي والوصفي يفرضان‬ ‫نفسيهما، مما يجعلني أعتمد عليهما في إعداد هذا البحث.‬ ‫وإنجازا لهذا البحث، فإنه تم تقسيم هذا الموضوع إلى ثلاثة فصول، إعمالا‬ ‫بمقتضى الإشكالية التي فرضت هذا التقسيم الثلاثي لهذا البحث.‬ ‫وقد تعرضنا في الفصل الأول إلى الإختصاص القضائي في مسؤولية‬ ‫مصحات الأمراض العقلية، وتضمن هذا الفصل ثلاث مباحث، المبحث الأول تحت‬ ‫عنوان: إختصاص القاضي الإداري حيث تطرقنا فيه من خلال مطلبين إلى المعيار‬ ‫وتم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين كذلك فتناولنا في المطلب الأول مسؤولية‬ ‫المستشفيات على أساس الخطأ والمسؤولية دون الخطأ في مطلب ثان.‬ ‫أما المبحث الثالث فكان تحت عنوان: النظام القانوني لمسؤولية المرافق الصحية،‬ ‫وتم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين فتناولنا في المطلب الأول التفرقة بين الخطأ‬ ‫اليسير والخطأ الجسيم في مجال مسؤولية المرافق الصحية، والذي قسمناه إلى‬ ‫أربع فروع، تطرقنا فيها إلى الخطأ الجسيم والخطأ العمدي، ثم الخطأ التافه أو‬ ‫اليسير،ثم الخطأ التقديري أو الفني، وأخيرا الخطأ بسبب سوء تنظيم المرفق، أما‬ ‫المطلب الثاني فجاء تحت عنوان: علاقة العمل الطبي بالخطأ الجسيم وصوره والذي‬ ‫قسمناه إلى فرعين تناولنا في الأول الخطأ في تشخيص المرض، وفي الثاني‬ ‫الخطأ في وصف العلاج ومباشرته.‬ ‫أما الفصل الثاني فقد تم تكريسه إلى توضيح النظام الخاص بالمصحات العقلية،‬ ‫وفصلنا هذا الفصل إلى مبحثين.‬ ‫المبحث الأول منه تحت عنوان: معالجة المصابين بالأمراض العقلية وتناولنا‬ ‫فيه الهياكـل المتخصصة بالمصابين بالأمراض العقلية في المطلب الأول والذي‬ ‫بدوره قسمناه إلى ثلاث فروع يتعلق الأول بالمؤسسات الإستشفائية المتخصصة في‬ ‫الأمراض العقلية، ومصالح الأمراض العقلية ومصالح إستعجالات الأمراض العقلية‬ ‫في المستشفيات العامة، ثم وحدة الشبكة القاعدية، أما المطلب الثاني فتطرقنا فيه إلى‬ ‫النظام الخاص بالاستشفاء في مصحات الأمراض العقلية وهذا مرورا بالمراحل‬ ‫عبر الفروع الأربعة بدءا بالاستشفاء في مصحة مفتوحة ثم وضع المريض‬ ‫إلى مطلبين تناولنا في الأول أثر المرض العقلي على القدرة الإدراكية للمريض‬ ‫في المطلب الأول، والذي بدوره قسمناه إلى فرعين‬ ‫مقدمة‬ ‫تطرقنا في الأول إلى تعريف رضا المريض، ثم توضيح شروط الإباحة المتعلقة‬ ‫بإذن المريض، أما المطلب الثاني فخصصناه لرضا المريض عقليا في فرعين‬ ‫بالتطرق إلى حالة المريض المجنون، ثم حالة المريض المعتوه والسفيه.‬ ‫أما الفصل الثالث والأخير فكان تحت عنوان:نظام المسؤولية الخاص بالمصحات‬ ‫العقلية، حيث تم تقسيمه إلى مبحثين، الأول تحت عنوان: نظام مسؤولية المرافق‬ ‫الصحية تجاه مصابي الأمراض العقلية، من خلال مطلبين الأول من خلال التطرق‬ ‫لنظام المسؤولية في حالة انتحار المريض وهذا من خلال فرعين يتعلق الأول‬ ‫بمسؤولية الضرر الذي يحدثه المريض لنفسه، ثم رأي الإتجاه القضائي في حالة‬ ‫إنتحار المريض.‬ ‫أما المطلب الثاني فكان تحت عنوان نظام مسؤولية المستشفى إتجاه موظفي المرفق‬ ‫من الأعمال الضارة لمصابي الأمراض العقلية، حيث تطرقنا إلى مسؤولية‬ ‫المستشفى عن الأضرار المسببة من طرف مصابي الأمراض العقلية بالنسبة‬ ‫للموظفين في الفرع الأول، ثم مسؤولية المستشفى فيما يخص الأضرار المسببة‬ ‫للغير من طرف مصابي الأمراض العقلية في الفرع الثاني ثم مسؤولية المستشفى‬ ‫عن العمل الضار لمصابي الأمراض العقلية في الإتجاه القضائي في الفرع الأخير.‬ ‫أما المبحث الثاني فجاء تحت عنوان: حدود وآثار مسؤولية الدولة غير التعاقدية‬ ‫عن أعمال أطباءها، بحيث إ رتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين جاء الأول تحت‬ ‫عنوان حدود مسؤولية مستشفيات الأمراض العقلية عن أعمال أطباءها، في فرع‬ ‫أول يحدد طبيعة إلتزام المستشفى من بذل عناية وتحقيق نتيجة، والإلتزام بالسلامة،‬ ‫ثم إنتفاء مسؤولية المستشفى في فرع ثاني في حالة الحادث المفاجئ أو القوة القاهرة،‬ ‫القاضي الإداري في تقدير‬ ‫مقدمة‬ ‫التعويض ومنحه، أما الفرع الثاني فيبين لنا حالة تضامن المستشفى والطبيب‬ ‫المخطئ في التعويض.‬ ‫وفي الأخير، نختم بحثنا هذا، بجملة من النتائج المتوصل إليها، من خلال هذه‬ ‫الدراسة، وهي أن المشرع الجزائري أولى اهتماما واسعا بقطاع الصحة.‬

Mots-clès:

Nos services universitaires et académiques

Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).

Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!

Comment ça marche?
Nouveau
Si le fichier est volumineux, l'affichage peut échouer. Vous pouvez obtenir le fichier directement en cliquant sur le bouton "Télécharger".


footer.description

Le Moteur de recherche des thèses, mémoires et rapports soutenus en Algérie

Doctorat - Magister - Master - Ingéniorat - Licence - PFE - Articles - Rapports


©2025 Thèses-Algérie - Tous Droits Réservés
Powered by Abysoft