أحكام الوصية في التشريع الجزائري

Résumé: للوصية أهمية كبيرة وبالغة في حياة الإنسان وهذا لما تحققه له من فوائد دينية ودنيوية، فهي تحقق الكثير للمجتمع وأفراده، وبعد هذا العرض البسيط خلصنا إلى أن أحكام الوصية بقيت مستقرة طوال حقب عديدة من الزمن، فلم يقم المشرع الجزائري المختص بقانون الأحوال الشخصية، إلا بتكريس مبادئ الشريعة الإسلامية المقررة منذ أربعة عشرة قرنا والقائل أن الوصية تصرف قانوني من جانب واحد يقضي إلى كسب الملكية إذا تصرف الموصي في ماله باعتباره تصرفا في التركة يضاف إلى ما بعد الموت. كما أنها تختلف عن غيرها من التصرفات القانونية الأخرى وهذا راجع إلى ذاتيتها الخاصة كالوصية الواجبة التي أقرها القانون. كما أن القانون قيد الموصي في أمواله في حدود الثلث سواء كان لوارث أو لغير وارث ما زاد عن الثلث موقف على إجازة الورثة. كذلك يجوز أن تعلق الوصية على شرط صحيح غير مخالف للنظام العام والآداب وأن يكون الموصي أهلا للتبرع مع توفر الرضى كما أن الموصي له يجب ألا يكون جهة معصية ولا مجهولا جهالة الفاحشة لا يمكن دفعها كما يجب ألا يكون الموصي قاتلا إلى غير ذلك من الشروط المحددة فقها وقانونا. ولاحظنا من خلال دراستنا لموضوع الوصية أن المشرع الجزائري قد أحاط بأهمية الوصية من خلال تناوله لها في بعض النصوص التشريعية وبالتحديد في 18 مادة قانونية، من184 الى 201 من قانون الأسرة، وبعض نصوص القانون المدني إلا أن هذه الإحاطة يعتريها الكثير من النقص، فوجدنا أنفسنا في كثير من المرات نلجأ إلى الكتب العربية التي تتناول قوانين الأسرة في الدول العربية لاعتماد بعض التعريفات، والآراء الفقهية. وكان على المشرع أن يفرد الوصية بتقنين خاص بها دون اللجوء إلى القانون المدني والقوانين العربية، هذا فيما يخص النزاع الذي به عنصر وطني، أما فيما يخص وجود عنصر دولي، فوجود التقنين يسهل علينا معرفة الضوابط التي تحكمه، وبالتالي القانون الواجب التطبيق، وهناك العديد من الدول قد أفردت للوصية قانون خاص مثل القانون المصري. أهم النتائج: - 1أن الوصية سبب من أسباب كسب الملكية. - 2أنها تصرف مضاف إلى ما بعد الموت أي بمعنى لا يتم تنفيذها إلا بعد موت الموصي وهي مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع. - 3نظام الوصية مرتبط ارتباط كبير بالميراث، الميراث إجباري والوصية اختيارية. - 4للوصية أربعة أركان ولكل ركن شروط. - 5إذا كانت الوصية اختيارية فهذا لا يمنع أن تكون واجبة فتكون واجبة بقوة القانون. - 6متى هلك الموصي به بطلت الوصية. وتجدر الإشارة أن المشرع الجزائري قد كان موفقا في موضوع الوصية حينما أحال النقائص إلى المادة 222 من قانون الأسرة الجزائري إلى الشريعة الإسلامية التي كان لها الدور الكبير في سد الفراغ الذي تركه القانون وكل ذلك إعمالا لمبدأ العدالة والتوسيع من السلطة التقديرية للقاضي، ومن ثم فيجب عليه أن ينظر إلى الظروف المحيطة بالقضية المعروضة فيما يخص الوصية وفقا لآراء المذاهب الأربعة. الاقتراحات والتّوصيات: من دراسة أحكام الوصية في التشريع الجزائري اتّضح وكاقتراح منا فإنّنا نرى أنه يجب إعادة النظر في أحكامه على الأقل كما يلي: - نقترح تعديل التعريف الوارد في المادة 184 من قانون الأسرة الجزائري على أن يتم تعريف الوصية بأنها: تصرف في التركة مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع ليصبح هذا التعريف شامل لكل صور الوصية، ما كان منها تمليكا كالوصية لشخص معين وما ليس منها بتمليك كالوصية للمساجد والمؤسسات الخيرية، وما كان منها إسقاط كالوصية بإبرام كفيل من الكفالة وابرام المدين من الدين. - من الأفضل إزالة الغموض أو التناقض فيما يخص التنزيل ، لا سيما أن المحكمة العليا قد سايرت في إحدى قراراتها بأن التنزيل يخص أبناء الابن دون أبناء البنت. - نقترح تعديل المادة 188 من قانون الأسرة الجزائري التي تتضمن منع القاتل من استحقاق الوصية على غرار موانع استحقاق الإرث وأن يحدد المشرع بعض حالات على عذر شرعي أو قانوني كحالة الدفاع الشرعي دون تجاوز الحد اللازم، وكذلك القاتل الغير المميز. - نقترح أن يُقْدِمَ المشرع الجزائري على تحديد لفظ الأحفاد بصورة صريحة ومحددة كما هو الحال في بعض التّشريعات العربية التّي كانت صريحة في هذا الاتجاه كالتّشريع المصري والسوري والمغربي والأردني، وبالتّالي فإننا نقترح إعادة صياغة المادة 169 من ق أ ج باللّغتين العربية والفرنسية وجعلها متطابقة مع بعضها. - كما أنّه يتوجب على المشرع أيضا إعادة ترتيب الكيفية التّي تقسم بها التّركة في المادة 180 من ق أ ج فينص صراحة على أنّ الوصية الواجبة مقدمة على الوصية الاختيارية لأنّ عدم النّص عليه يجعل الوصية الواجبة غير ذات معنى. - كما أقترح إلى محاولة زرع ثقافة الوصية في المجتمع تعنى بتمكين المورث من إنصاف الأحفاد بالوصية الإختيارية أو الهبة فهي أطيب وأقرب للنفس والشرع. وفي الأخير بعد حمد الله وشكره الذّي وفقنا لإتمام هذا العمل نختم بملاحظة في رأيي هي جوهرية وهيّ: إنّ وضع مادة قانونية للوصية ضمن هيكل ونظام المواريث في الشريعة الإسلامية، يحتاج إلى دقة متناهية وإلى أهل الفقه والعلم، فهي بمثابة زرع عضو في جسم حي، قد يؤدي هذا العضو إلى هلاك الجسم.

Publié dans la revue: