إستراتيجية الحرب المحدودة؛ عملية "سيرفال" نموذجا

Résumé: تحاول الورقة فهم أبعاد قرار السلطات الفرنسية خوض الحرب في مالي مطلع العام ألفين وثلاثة عشر، باسم الحرب على الإرهاب، ومساعدة الحكومة المالية في إعادة بسط نفوذها وسيادتها على كامل ترابها وتهيئة الظروف من اجل العودة إلى حياة طبيعية، وإطلاق عملية سياسية توجت بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية. وتناقش الورقة من جهة أخرى مدى استجابة العملية العسكرية " سيرفال" التي نفذها الجيش الفرنسي لمعايير الحرب المحدودة؛ ذات الخصوصيات السياسية والعسكرية المتميزة. فهي على خلاف الحرب التقليدية التي تستخدم فيها كل مقدرات الدولة العسكرية، السياسية، الاقتصادية وتعلن فيها التعبئة العامة في الأوساط الشعبية، تتميز بأن المتحاربين يحددون ابتداء أهدافهم السياسية والعسكرية من الحرب، وحجم وطبيعة القوات والوسائل التي تشترك في الصراع، وحتى مناطق القتال، وكذا الأغراض المطلوب تدميرها أو الاستيلاء عليها. ولذلك يختلف مجال ومدة الحروب المحدودة اختلافاً كبيراً طبقاً للقيود التي تفرضها الأطراف المتحاربة. فعلى الصعيد السياسي تحاول الورقة فحص الخلفيات التاريخية، والأبعاد الواقعية والإستراتيجية لهذا التدخل، بعيدا عن التصريحات الرسمية. اما على الصعيد العسكري فتبحث الورقة مدى استجابة عملية سيرفال للمعايير التقنية للحرب المحدودة ممثلة في قوة الإنزال، قوة أنظمة المعلومات والاتصال، وسرعة وفعالية العمليات العسكرية المسنودة بأرقى تكنولوجيات الحرب وأمضاها وكذلك التعاضد بين القوى الإقليمية والدولية لمواجهة الأخطار الجديدة. كل ذلك تم بالعودة إلى مجريات التدخل العسكري الذي لعبت فيه القوات الفرنسية الدور الأساسي، إلى جانب القوات الإفريقية والمساعدات الأوروبية. لم تدم عملية سيرفال طويلا، لكنها كلفت ميزانية تصاعدت إلى حد أربعمائة مليون يورو، بالرغم من بقاء الوضع الأمني هش، وعلى ضوء ذلك تحاول الورقة مناقشة نتائج العملية على المدى المتوسط والبعيد باستحضار سيناريوهات التدخل الغربي في كل من أفغانستان والعراق، وكيف استفحلت ظاهرة الإرهاب بعد استيعاب "الضربة الأولى".

Publié dans la revue: المعيار