التشكيل الفني في التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بلاد الجزائر المحمية لابن ميمون الجزائري

Résumé: أجمعت الدراسات النقدية الحديثة على تسمية العصر العثماني بعصر الانحطاط والجمود أو عصر ركود الأدب، وهي تسميات توحي بالضعف والرداءة لكن الغريب في الأمر أن يقع النقاد في التناقض، فكيف يصفون هذا العصر بتلكم الأوصاف، ثم يتهافتون على روائع الأدب للبارودي والعطار واليازجي وأمير الشعراء وينسبونها للعصر الحديث. لكن السؤال الذي يطرح نفسه لم هذا الموقف السلبي من هذا العصر؟ ولم التحامل عليه؟ ولماذا يقفز هؤلاء النقاد على مرحلة مهمة من تاريخ الأدب العربي وتجاهلها، والخطأ نفسه يقع فيه دارسو الأدب الجزائري القديم إذ كيف يمكن التأريخ للأدب الجزائري إن سقطت إحدى حلقاته، هل يعقل أن نتجاهل ما كتبه ابن حمادوش ، وابن ميمون وكل الأدباء أمثالهم ، وأن ننسف جهودهم المضنية ، رغم الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي عاشوها ولم يبخلوا بها لإثراء الأدب الجزائري، والمحافظة على الإرث الثقافي الوطني. من الخطأ أن تنعت تلك الفترة بالجمود والركود ،دون بحث معمق وتمحيص، ومن هنا لا يسعنا إلا أن نقول أنه في كل عصر يوجد الجيد والرديء الحسن والسيء ، ليس في مجال الأدب فقط بل في كل المجالات والميادين، أما الأديب ابن ميمون وكتابه التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بلاد الجزائر المحمية محور هذه الدراسة فيحيط بهما الغموض ،إذ لا نجد في المصادر الأدبية ولا كتب التراجم ولا حتى المعاجم التي تهتم بالشخصيات الأدبية ، ترجمة مفصلة عن حياته ، وأصله ونسبه وتاريخ ميلاده ووفاته، ولم يعرف سبب وجيه لذلك. أما آثاره فهي الأخرى مجهولة عدا الكتاب الذي بين أيدينا ، ولا نتصور أنه عمله الوحيد، لأن ابن ميمون ومن خلال اطلاعنا على كتابه كان مهتما بكل فنون عصره ، مشاركا فيها فقد كان فقيها وأديبا ومؤرخا وسياسيا وصوفيا ،ورغم الضبابية التي تحيط بهذه الشخصية إلا أنه استطاع بهذا القدر الضئيل من أدبه أن يعكس صفحة مشرقة للحركة الأدبية الجزائرية آنذاك ، واستطاع أن يتفاعل مع أحداث عصره ويعبر عنها بأسلوب أنيق ، ولغة راقية ، وعاطفة صادقة ، صمدت أمام كل الظروف ،بتبني فن المقامة شكلا وأسلوبا وغاية ،لكن بعض الباحثين يرون أن ما جاء في كتاب التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بلاد الجزائر المحمية هو من صميم التاريخ ، وبعيد عن الأدب وحجتهم في ذلك الأخبار الحقيقية والأحداث الواقعية، وانعدام الخيال في السرد ،لكن الغوص في نص التحفة المرضية والتنقل بين مقاماتها ، سيسمح للقارئ باكتشاف الحقيقة وهي أن هذا الكتاب روضة يانعة من رياض الأدب، ولوحة فنية رسمتها ريشة فنان بارع بألوان اللغة ،وجميل الأساليب، ووحي الكلمات.

Publié dans la revue: