مسؤولية مسيري الشركات في ظل الإفلاس والتسوية القضائية
Résumé: لقد ازداد الوعي لدى التشريعات الحديثة بمدى أهمية تواجد الشركات التجارية في المحيط الاقتصادي لذلك فقد عمدت تلك التشريعات إلى تسهل مهمة المسيرين في تسيير الشركة ،من خلال تبسيط وتليين قواعد الإفلاس والتسوية القضائية بطريقة تتماشى مم مصلحة المشروع الاقتصادي ومصلحة المسيرين معا. بالمقابل فإن مفهوم الإفلاس لم يعرف أي تغيير جذري يذكر في ظل القانون التجاري الجزائري وهو لم يتجاوز بعد فكرة النظام الذي يسعى إلى التنفيذ الجماعي على أموال الشركة المتوقفة عن الدفع التي عجزت عن تسديد أموالها لا غير ،فهو يتسم بحماية الغير ويمتاز بالقسوة عند تعامله مع الشركة ،وهذه القسوة تمتد حتى إلى مسير الشخص المعنوي وهذا ما لمحناه أثناء تناولنا لأحكام مسؤوليتهم الخاصة. فعند فحص النصوص القانونية المتعلقة بالإفلاس والتسوية القضائية في ظل القانون التجاري الجزائري لاحظنا أنها ذات طبيعة جامدة ،بمعنى أن هذه النصوص لا تأخذ بعين الاعتبار الصعوبات التى تمر بها الشركة التجارية بل هى في مجملها تحمي الغير على حساب مصلحة الشركة ،ولا تسعى حتى إلى إعادة تهيئتها اقتصاديا من جديد. وبالرغم من وجود نظام التسوية القضائية الهادف إلى توصل الشركة المتوقفة عن الدفع إلى إجراء صلح. مع دائنيها والذي لا يتعدى مضمونه مجرد تمديد آجال تسديد الديون أو التنازل عن جزء منها ،فالواقع يثبت عكس ذلك حيث عادة ما تفشل الشركة في إتمام الصلح الذي حصلت عليه،بمعنى عدم قدرتها على الوفاء بالتعهدات التي أخذتها على عاتقها إزاء الدائنين. إن تطبيق قواعد الإفلاس أو التسوية القضائية بحق الشركات التجارية لا يغدوا أن يكون إلا مجرد تطبيق آلي خالي من روح المبادرة الاقتصادية ،والسبب في ذلك يكمن في أن رغم أن الشركة التجارية تعد جزء من الاقتصاد الوطني إلا أن المشرع لم يسعى إلى حمايتها من مخالب الإفلاس متناسيا مبدأ الوقاية خير من العلاج ،وأي علاج يأتي وراء الانتكاسة الاقتصادية للشركة ،فإنه يحوي في طياته احتمالا كبيرا للفشل ،نظرا للعدد المتزايد للشركات المتوقفة عن الدفع. فالدعم المتأخر للشركة قد يؤدي إلى تفاقم سوء وضعيتها المالية ،ويطرح التساؤل عن جدوى إبقائها على قيد الحياة اصطناعيا أفليس من الأفضل أن يكون التدخل مبكر وهذا عن طريق وضع آليات للتنبؤ بالصعوبات قبل توقف الشركة عن دفع ديونها ،وبالتالي وجوب إتباع النموذج الفرنسي عند تعامله مع ملف إفلاس الشركات التجارية. ومن الناحية النظرية ،فإن للمحكمة صلاحيات حقيقية للسهر على شؤون الشركة التي تكون في وضعية مالية صعبة ،غير أنه في الحياة العملية فإن الشركة التى في هذه الحالة تبدأ بالزوال بمجرد أن يتم تعيين الوكيل المتصرف القضائي ،واحتمال استمرار الشركة بعد إدانة مسيريها هو احتمال ليس بمستحيل نظريا لكنه مستبعد من الناحية الواقعية. وما يميز مرحلة التسيير القضائي في ظل الإفلاس والتسوية القضائية هو الدور الذي يلعبه الوكيل المتصرف القضائي في إدارة وتسيير الشركة ،وكذا مراعاة والسهر على مصلحة جماعة الدائنين هاتين المهمتين هما متناقضتين من حيث المصالح ،مما يستوجب فصلهما واستحداث جهاز آخر يتولى إحدى المهمتين كما فعل نظيره بمعنى المشرع الفرنسي ،أيضا نتساءل حول مقدرة الوكيل المتصرف القضائي على إدارة الشركة بمعنى أليس من الأفضل تدرب هؤلاء على المستوى العلمي ؟ وهذا بفرض تربصات مهنية على مستوى شركات تجارية تتمتع بعافية اقتصادية جيدة حتى يواكبوا جميع المراحل التي تمر بها الشركة ،وبالتالي تتكون لهم خلفية حول تسيير الشركات. أما بخصوص أحكام مسؤولية مسيري الشركات التجارية في ظل الإفلاس ،فبالنسبة للمسؤولية المدنية ،كما رأينا فإن المشرع مازال متمسكا بالمسؤولية المفترضة بحق المسيرين رغم أن المشرع الفرنسي قد تخلى عنها منذ زمن طويل ،فالأولى أن يتخلى هو بدوره عن افتراض الخطأ بجانب المسيرين خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي يعيشها العالم حاليا ،والتي تسببت في افلاس أكبر الشركات التجارية عالميا ،لذا ندعو المشرع إلى التخفيف من وطأة هذه المسؤولية. وعلى صعيد المسؤولية الجزائية فما يؤاخذ على المشرع الجزائري هو تمييزه في المعاملة بين مسري المؤسسات العمومية ومسيري الشركات التجارية في ظل القطاع الخاص ،وهذا من خلال رفع التجريم عن فعل التسيير الذي جاء في مشروعى تعديل قانون العقوبات والقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ،مضمون هذا التعديل . من حيث المسؤولية هو التخفيف من العقوبات المسلطة على مسير المؤسسات العمومية ،أما من حيث الضمانات فقد تم تقييد سلطة تحريك الدعوى العمومية ضد المسيرين وإخضاعها إلى أجهزة الشركة المنصوص عليها في القانون التجاري في حالة ارتكاب جريمة تبديد المال العام أو التلاعب به ،مما يضر المؤسسة الاقتصادية. أما بالنسبة للمسير في ظل القطاع الخاص فلم يكن مبرمج بخريطة المشرع ،رغم أنه ظل في الظروف الاقتصادية الحالية ما يحتاجه المسيرين الخواص هو وقوف الدولة بجانبهم .بما فيها النظام التشريعي ،بهدف الانغماس أكثر في أداء عملهم المتمثل في تسيير الشركة والذي يتطلب المبادرة وروح المغامرة.
Mots-clès:
Nos services universitaires et académiques
Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).
Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!