علاقة العوامل الاقتصادية بالسّلوك الانتحاري في المجتمع الجزائري -البطالة نموذجًا- مقاربة سوسيو- اقتصادية ميدانية

Résumé: إنّ الهدف من خلال الإشكالية المقترحة في هذه الدّراسة هو محاولة فهم علاقة العوامل الاقتصادية بالميل نحو السّلوك الانتحاري في المجتمع الجزائري، استنادًا إلى التّراث النّظري والمفاهيمي الذي يوفّره أكثر من قرن من الأبحاث العلمية (البيو-طبيّة والنّفسية والاجتماعية والاقتصادية...) في هذا المجال،وتتجلّى أهمية هذا المسعى-خاصّة-في ظلّ التّزايد الملحوظ لهذه الظّاهرة من يوم لآخر في مجتمعنا. وممّا لا شكّ فيه أنّ انتشار واستفحال ظاهرة الانتحار في المجتمع الجزائري يعكس اختلالاً في كثير من القيم التي يسعى المجتمع إلى ترسيخها في أذهان وسلوكيات أفراده والعديد من القيم الإيجابية المهمّة في تماسك المجتمع واستمراره،في مقابل الفراغ المعرفي الحادّ الذي يعرفه هذا الجانب في بلادنا والذي يفتقر إلى كثير من المعارف النّظرية والوسائل المنهجية والمعطيات الميدانية التي تسمح بإخضاع واقع الانتحار في المجتمع الجزائري إلى طرق البحث العلمي الأكاديمي المتخصّص. هذه المحاولة إذن، هي استجابة لضرورة أصبحت أكثر من ملحّة للتعمّق في فهم ظاهرة الانتحار، من وجهة النّظر السّوسيو-اقتصادية وتهدف إلى تحديد أهم المتغيّرات والعوامل الاقتصادية والمادّيةالتي تساهم في زيادة الميل للسّلوك الانتحاري في المجتمع الجزائري. تمّت هذه الدّراسة الميدانية المقارنة في مناطق مختلفة من المجتمع الجزائري٭وهي: ولاية تيبازة (الشّمال) وولاية الجلفة (الهضاب الوسطى) وولاية غرداية (الجنوب) وقد اشتملت العيّنّة المختارة على ستمائة (600) مبحوث ينتمون إلى فئات سوسيو-ديموغرافية مختلفة أيضا. وتهدف إلى بحث التّصوّرات التي يحملها أفراد المجتمع المحيط بالمنتحر (الأسرة، المحيط الاجتماعي...) وذلك باستخدام عدّة أدوات، كالمقابلة والاستبيان ودراسة الحالة. وقد سمحت لي هذه الخطوة بفهم جوانب مختلفة حول الموضوع، من خلال أفراد المجتمع الذي ينتمي إليه المنتحر، في محاولة لفهم أكثر عمقا، يتمحور حول الفرضية التي مؤدّاها أنّ هذه التّصوّرات تتضمّن المرجعيات السّوسيو- ثقافية التي تحدّد هذا السّلوك بالنّسبة للمنتحر. وهذا سمح لي بالاقتراب من تصوّرات الأفراد المبحوثين وتفاعلاتهم وردود أفعالهم ومواقفهم... حول الانتحار.

Publié dans la revue: مجلة دفاتر اقتصادية