السَّبك النّصّي في كتاب المثل السّائر لضيّاء الدّين ابن الأثير

Résumé: من خلال هذه الجولة في ثنايا كتاب المثل السّائر؛ والذي يمثل مرآةً تعكس موسوعيّة صاحبه (ضيّاء الدّين ابن الأثير) وسعة باعه في علوم العربيّة بعامّة، وماله شأن في تحقيق تماسك وتلاحم الكلام وسبكه بخاصّة، نخلص إلى ذكر أهمّ ما تمخّضت عنه هذه الدّراسة المتواضعة فيما يلي: 1- إنّ نشأة ابن الأثير وترعرعه في بيئة مثقّفة وجوٍ تسوده الصّراعات والحروب، صنعت منه كاتباً فذاً وأديباً محنّكاً وسيّاسياً بارزاً. 2- اهتمّ ابن الأثير بالسّبك اللّفظي والدّلالي للمنظوم من الكلام والمنثور، وأكّد على ضرورة تخيّر مواقع الألفاظ ومراعاة تلاؤمها مع ما يجاورها في السيّاق. 3- يعتبر ضيّاء الدّين مثلاً لأثر القرآن في الأدباء والكُتّاب من ناحيّة ثقافته ونقده. وهذا جليّ في إنشائه وشواهده. 4- إنّ اهتمام كل من أبي تمّام والمتنبّي بالجانب الدّلالي والغوص والتّعمّق فيه، وكذا تفرّد البحتري في حسن سبكه للألفاظ؛ جعل منهم- في نظر ابن الأثير- قدوةً تُحتذى، وهذا ما يفسّر كثرة اعتماده واستشهاده بأشعارهم. 5- أولى ابن الأثير -كغيره من البلاغيّين العرب- أهميّة للتّأليف الصّوتي للمفردة؛ فرأى أنّ تباعد مخارج الحروف أو تقاربها غير كفيل وحده في الحكم على الكلمة بالحسن أو القبح، بل لابد من الاحتكام إلى التّذوق السّمعي، كما أنّ لخفّة الحركات وثقلها دور محسوس في استحسان اللّفظة أو استهجانها. 6- تسهم المحسّنات البديعيّة (كالجناس والسّجع والتّرصيع...) في تحقيق التّوازن الإيقاعي والسّبك الصّوتي في الكلام، بالإضافة إلى تأثيرها الدّلالي التّعبيري على المتلقّي. 7- في طيّات المثل السّائر إشارات مُضمرة وأخرى ظاهرة إلى دور بعض الجوانب النّحوية(كالضّمائر والحذف والتّقديم والتّأخير) في ربط أجزاء الكلام وسبكها. 8- لا نبالغ إن قلنا إنّ ابن الأثير قد أحاط (في بسطه لظاهرتي التّكرار والتّناسب بين المعاني) بالمفهوم العميق لما يصطلح عليه في لسانيّات النّص" آليّات السّبك المعجمي"، فقد وقف على قيمة كلٍ منها في تحقيق التّرابط والتّعالق بين وحدات الكلام، بما ينتج عنهما من علاقات لفظيّة سطحيّة (كالتّصاحب والتّجاور...) وأخرى دلاليّة عميقة (كالتّرادف والتّضاد...).

Publié dans la revue: