النصارى واليهود بالأندلس من سقوط الخلافة الأموية إلى نهاية المرابطين (422 هـ 539هـ/1030م-1141م)

Résumé: يسعى هذا العمل لتسليط الضوء على مكونتي النصارى واليهود في الأندلس، وإبراز دورهم في المجتمع الإسلامي باعتبارهم مخالفين، بالإضافة لرصد علاقاتهم مع المسلمين وكيف استظلوا بظل الإسلام وفق شروط عقد الذمة. عاش النصارى واليهود في ظل الوجود الإسلامي بالأندلس، وكانوا يلعبون دورا هاما على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية في الأندلس خلال عصر ملوك الطوائف والمرابطين.إن الاختلاف في الانتماء الديني بين النصارى واليهود والمسلمين لم يحل دون حصولهم على حقوقهم الحياتية إلى جانب جيرانهم المسلمين، حيث تلاقى الجميع وتفاعلوا بفضل سماحة الإسلام وعدالته، وتأكيدا على ذلك وصل الكثير من أبناء هذه الفئات إلى وظائف عليا في الدولة.لقد حظي النصارى واليهود بالأندلس بقسط وافر من الحرية، وبخاصة فيما يتعلق بإقامة الشعائر الدينية والتعبدية، وضمان الحقوق والممتلكات، مما جعلهم يشعرون بقوة الانتماء إلى المجتمع الإسلامي. وهو ما ساهم في اندماجهم حتى على المستوى الثقافي، بانصراف قسم كبير منهم إلى تعلم لغة العرب وآدابهم، ومحاكاتهم في أنماط حياتهم وتمثل ثقافتهم، وحتى الدخول في دينهم، وبذلك كله تركوا بصماتهم المحلية على الحضارة الأندلسية بوجه عام.لم تتدخل الدولة الإسلامية في شؤون رعاياها الخاصة، بل تركت لهم حرية اختيار من يتولى تسيير شؤونهم الإدارية، كما سمحت لقضاتهم بأن يتولوا الفصل في منازعاتهم وفق عقائدهم وقوانينه، وتأكيدا على الحرية الدينية للمجتمع الأندلسي بمختلف عناصره، لم يكره المسلمون أحدا على الدخول في الإسلام، بل إن بعض الجماعات قد اتجهت إلى تقبل الدين الجديد باعتباره يشكل وسيلة للخلاص والتحرر من ظلم القوط.اشغل النصارى واليهود في وظائف الدولة المختلفة وبخاصة في مجال الإدارة والدبلوماسية والمالية، وهو الأمر الذي ساهم في تقوية روابطهم مع الدولة، وعزز من انتمائهم إلى المجتمع الذي يعيشون فيه. كما اشتغلوا في التجارة وإثراء الحياة الاقتصادية بالأندلس، واستطاعوا مزاولة الأنشطة التجارية المختلفة، مما مكنهم من جمع ثروات هائلة.تروم هذه الدراسة إلى تتبع مسار الحياة اليومية للنصارى واليهود في الأندلس في ظل الدولة الإسلامية من خلال إبراز احترام الإسلام وحمايته للمخالفين بوصفهم رعايا لهم حقوقهم المكفولة، هذا بالإضافة إلى رصد أنشطتهم وتنظيماتهم المختلفة، وكذا علاقاتهم بإخوانهم وجيرانهم المسلمين.

Publié dans la revue: