خوصصة المؤسسات العمومية الاقتصادية

Résumé: اتضح لنا من دراستنا،أن الخوصصة عبارة عن تحول النشاط الاقتصادي من القطاع العام إلى القطاع الخاص، نضمه المشرع الجزائري بقانون خاص كان أولاها صدور القانون رقم 95/22 المؤرخ في 26/08/1995 المتعلق بخوصصة المؤسسات العمومية وما لحقه من تعديلات لغاية إلغائه بالقانون 01/04 المؤرخ في20/08/2001 المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها والمتمم بالأمر 08/01 المؤرخ في28/02/2008. فظاهرة الخوصصة اليوم في إطار حركة التحول الاجتماعي من النظام الاشتراكي إلى نظام الاقتصاد الحر،لا تعني خضوع المشروعات العامة إلى النظام القانوني للمشروعات الخاصة،ذلك لأن الاقتصاد الحر يقوم على مبادئ جوهرية تتناقض تماما مع الاقتصاد الاشتراكي،فالأول قوامه النشاط الإنتاجي التنافسي والتطور الاقتصادي في إطار علاقات اجتماعية محددة، تنبثق من البنيان الاجتماعي،في حين أن الثاني يرتكز على التخطيط الإشتراكي، القائم على التحول الاجتماعي من خلال الملكية العامة لوسائل الإنتاج بما يستتبع ذلك المركزية الإدارية . والأشكال القانونية للمؤسسات متجددة،تستحدث لتواكب تطور النشاط الإنتاجي وتعبر عن حاجات هذا النشاط في إطار نظام اجتماعي معين، سواء أتخذ هذا النظامأسلوب الاقتصاد الحر أو أسلوب الاقتصاد الاشتراكيأو جمع بينهما . في حين أن الخوصصة،لا ترتبط بشكل قانوني معين، إنما بكل الأشكال القانونية المعروفة و المستحدثة،طالما يتفق مع النظام الاجتماعي السائد الذي يقبل اعتناقها وغايته المصلحة العامة، وقوامها الفكر السائد في المجتمع، وهو المهيمن على تقرير مصلحته سواء أخذ بالاقتصاد الاشتراكي أو بنظام الاقتصاد الحر. كما تجدر الإشارة إلى أن التصرف القانوني لإحداث الخوصصة، يتباين بحسب الأسلوب المتبع في التطبيق، وعرضنا أهم الأساليب المتبعة لتطبيقها المتمثلة في التنازل عن المؤسسات العمومية الاقتصادية إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين تابعين للقانون الخاص , فتعتبر عملية نقل الملكية أبرز الطرق التي اعتمدها المشرع الجزائري عند تبنيه عمليات الخوصصة فهي تؤدي مباشرة إلى تغيير الشكل القانوني للمؤسسة محل الخوصصة، وعملية التحويل هاته يمكن أن تتخذ عدة صور وهي اللجوء إلى آليات السوق المالية، إما بالعرض في البورصة أو العرضي العلني للبيع بسعر محدد،التنازل خارج السوق المالية )المناقصات(،التنازل خارج السوق )البيع بالتراضي( بعد ترخيص من مجلس مساهمات الدولة بناءا على تقرير مفصل من الوزير المكلف بالمساهمات، وإما بواسطة أي نمط آخر للخوصصة يهدف إلى ترقية مساهمات الجمهور. مما يتعين القول معه أن الخوصصة لا تغير الشكل القانوني للشركة إذ وجب أن تحافظ على نشاط المؤسسة العمومية المتنازل عنها وذلك لمدة ثلاث سنوات كأقصى حد وهي مدة إحتفاظ الدولة بحصة السهم النوعي بصفتها عضوا فيها و كمراقب في المؤسسة المتنازل عنها. لذا نرى أن الخوصصة ذات طبيعة مركبة من عمليتين،الأولى تنقضي بها شركة القطاع العام،والثانية إعادة إنشاء ما آلت إليه إلى مشروع جديد. إن واقع التطبيقات العملية خلال أكثر من أربعين سنة خلت، أسفرت عن أن أداء القطاع العام شابه التدني و القصور ولم يعقد الآمال التي عقدة عليه في استغلال الموارد المادية والبشرية المتاحة، ولم ينجح في استثمارها، بل زادة مديونيته و تراخى أدائه، وتسبب في عجز ميزانية الدولة ودفعها للإفلاس، نتيجة نفقاتها الباهظة دون حساب،وبلا مقابلأو قدرة على توليد الادخار و الاستثمار، فزاد من ضعف الدولة وعجزها، أمام دائنيها فصار الدائنون يأمرونها بسياسات سموها الإصلاحات الاقتصادية . وأيا كانت أسباب لجوء الجزائر إلى الخوصصة، سواء لفشل القطاع العام أو بسبب ضغوط من الدائنين أو الدول الرأسمالية الكبرى لتحقيق مصالحها على حساب الدول النامية، من خلال دمجها في السوق العالمية و إيقاعها تحت هيمنتها فإن إتباع الجزائر لأسلوب الخوصصة كأسلوب للإصلاح الاقتصادي رغم أهميتها وضرورتها لا يمكن لها أن تحقق النجاح الكامل ما لم تكن صاحبتها فعاليات ضرورية على صعيد السياسات الاقتصادية و تفاعل أدواتها لابتكار نمط مناسب لتعاون المؤسسة العمومية والخاصة بما يضمن تحقيق النمو الاقتصادي، فإنه يجب عدم قبول الخوصصة كما هي بل يجب دراستها بتأني كما يجب عدم النظر لها كهدف بل اعتبارها وسيلة و أداة سياسية اقتصادية ذات فعالية غير مطلقة ولا مشروطة.

Publié dans la revue: