السيرة النبوية - دراسة في الرواية والسرد -

Résumé: لقد كانت العربية في عصر ما قبل الإسلام المرتع الطبيعي الأوَّل للرِّواية الشَّفوية، خصَّت الشعر والأخبار والأنساب والقصص، وتدرَّجت الرِّواية الشَّفوية وتطوَّر معناها بعدما بدأ اللُّغويون يرتادون البادية لمشافهة الأعراب حيث أخذوا اللُّغة عن أفواه الذين استوطنوا البادية، ولقد تغلَّبت رواية الشعر على النثر بسبب أن الشعر يتناقل بين الناس بصفة أسهل، ولا شك في فضل الرُّواة وجهدهم في حمل الشعر الجاهلي، ومن أهم مصادر جمع اللُّغة العربية الشعر الجاهلي، والقرآن الكريم والحديث النبوي والشعر العربي في صدر الإسلام وما بعده، كما مرَّ جمع اللُّغة العربية وتدوينها وترتيبها بثلاث مراحل تاريخية متَّصلة ببعضها، أما رواية الحديث النبوي، فتميَّزت بالدِقَّة والتحرِّي الشديدين من قِبل العلماء، حتى غدت لها شروط وقواعد وأصول متَّفق عليها لا يخرجون عنها، ومن أهم هذه الخصائص الإسناد الصَّحيح المتَّصل برواية العدول الضابطين، أما السيرة النبوية فقد تنوعت مصادرها و لقيت اهتماما منقطع النظير من قبل علمائنا، جمعا وتدوينا وشرحا وتهذيبا واختصارا، واقترن ذكر السِّيرة النبوية بابن هشام المعافري الذي تلقَّى السيرة عن زياد البكائي الذي نقلها عن ابن إسحاق راوي السِّيرة الأول، وتعد سيرة ابن هشام أوثق مصدر قديم تحدَّث عن السِّيرة النبوية، ونشير إلى أن كُتَّاب السِّير والمغازي لم يعتمدوا على الروايات الصَّحيحة فحسب، أما ابن هشام فقد اعتمد على منهج تتبَّعناه فلم يخرج عموما عن الرواية بالحذف كحذف الأشعار المقذعة البذيئة التي تسيء للإسلام وحذف الأشعار المنحولة والموضوعة والرواية عن غير ابن إسحاق والرواية بالشرح والرواية بالترتيب والتوزيع والرواية بعدم الجزم والرواية بذكر الأنساب أو تصويبها والرواية بالإشارة إلى التداخل والخلط في الأبيات والقصائد والرِّواية بالتفسير، كما اختلفت طريقة سرد الرواة لأحداث السيرة النبوية من سرد تاريخي إلى سرد موضوعي، واشتملت السيرة النبوية على أجناس أدبية، لم تخرج عموما عن الخطب والقصص والأمثال والحكم والرسائل والعهود النبوية ويختلف كل نوع عن الآخر في المميِّزات.

Publié dans la revue: