إشكالية العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في الجزائر 1989-2015
2014
Mémoire de Master

Université Mohamed Boudiaf - M'sila

\
\uf076\tعيسى بوقــرة

Résumé: كما في بقية أنحاء العالم الثالث تم بث الحياة في مفهوم المجتمع المدني في الجزائر في سياق مناقشة الخيارات الديمقراطية التي تطرحها أزمة الأنظمة السلطوية، فالمجتمع المدني أصبح يحتل فعلا مكانا بارزا في تفكير وجداول أعمال العديد من قوى المجتمع وهيئاته على المستويين المحلى والوطني، نظرا لدوره ووظائفه المتنوعة للنهوض بالمجتمعات المحلية والمجتمع العام والأفراد بواسطة مكوناته الأساسية وأهمها الجمعيات باعتبارها قاطرة لقياد المجتمع إلى التحديث والتطور التنمية. فالمجتمع المدني مؤشر مهم لإحداث التنمية، بحيث يرتبط دوره في المساهمة في عملياتها الأساسية و قدرته الوظيفية على التأثير في عمليات التحول الاجتماعي والسياسي للمجتمع، فهو عنصر فاعل، هذا البعد المهم الذي يكتسبه مفهوم المجتمع المدني بالنسبة للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال الوظائف والأدوار التي يؤديها في هذه المجالات يرتبط بشكل أساسي على الركائز الفكرية والبنائية التي يقوم عليها، وتتأثر قدرته في ذلك بمعطيات البيئة الاجتماعية و الثقافية و السياسية التي يعمل خلالها، وما تفرضه هذه البيئة من ضوابط والتزامات. وعلى هذا الأساس فقد جاءت الدراسة لتتبع السياق التاريخي لنشأة الدولة والمجتمع المدني في الجزائر وقد توصلت إلى أن ميلاد المجتمع المدني يرجع إلى فترة الاستعمار، لكن دولة ما بعد الاستقلال وبطبيعتها الكوربوارتية، عملت على لعب دور الوصاية على هذا المجتمع الناشئ، ولكن مع دخول الجزائر في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، إضافة إلى العديد من الضغوط الخارجية التي تزامنت مع موجات التحول الديمقراطي في مطلع العقد الأخير من القرن الماضي، حيث حدثت العديد من الانفتاحات في المجال السياسي والاقتصادي، قد أعطى الفرصة لهذا المجتمع المدني لان يطفو للسطح ويعبر عن نفسه. أما على المستوى النظري والمنهجي فقد جاءت الشواهد المتعلقة باختيار الفروض العلمية التي طرحت في صدر الدراسة، لتثبت صحتها، فبالنسبة للفرض الأول والذي يتمحور حول مفهوم الدولة والمجتمع المدني في الفكرين الغربي والعربي، فالدولة هي ظاهرة مستجدة ليست نابعة عن سيرورة التغير الاجتماعي بقدر ما تشكل كيانا غريبا وقع فرضه من الخارج بفعل الاختراق الذي تعرضت له هذه البلدان خلال مراحل تاريخية معينة، عكس الدولة في المجتمعات الغربية التي صاحب في تكوينها وتطورها التحول الاجتماعي والتغير الاقتصادي الذي عرفته الدول الأوربية منذ القرن الخامس عشر، كما أن مفهوم المجتمع المدني بمعناه الحديث مرتبط أساسا بواقع التطور السياسي في الغرب الصناعي الرأسمالي وإن تكونه، لم يكن ممكنا إلا نتيجة حصول جملة من الثورات الوطنية والاجتماعية والمعرفية، ثورات كانت تعمل مجتمعة ومتضافرة على إحداث نقلة كيفية في تعامل العقل مع أمور الفكر وشؤون الحياة السياسية والمجتمع. أما الفرضية الثانية والمتمثلة في قضية تسلطية الدولة ونفور المواطنين من المجتمع المدني، بحيث جاءت الفرضية بأنه كلما زادت تسلطية النظام الحاكم، كلما تقلصت نشاطات وحركية المجتمع المدني في الفضاء العام، حيث توصلت الدراسة بان تسلطية وقمع النظام لأصوات المجتمع المدني المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي في الجزائر، قد انعكس سلبا على تحركاتها ونشاطاتها في الفضاء العام، خصوصا بالنسبة للمنظمات الحقوقية، حيث أصبح الأفراد والجماعات يتجنبون هذه التنظيمات خوفا من قمع السلطات لذا نجد صدى قوي لأصوات هذه التنظيمات في الفضاءات العمومية . أما بالنسبة للفرض الأخير والذي يفترض أنه كلما عملت النظم الحاكمة على ترويض وتأميم القوى الاجتماعية والتنظيمات المدنية، كلما ازداد بحث الأفراد والجماعات عن أطر جديدة للتعبير عنى آرائهم وتطلعاتهم، وقد تكون هذه الأطر سلبية وعنيفة في حالة إغلاق السلطة الحاكمة لجميع الأبواب الشرعية للتعبير، وقد توصلت الدراسة لصحة هذا الفرض، فبعد تأميم تنظيمات المجتمع المدني من طرف السلطات الحاكمة في الجزائر،راحت القوى الاجتماعية تزداد سلبية وعنف تجاه الأنظمة الحاكمة، وأبرز مثال على ذلك صعود الحركات الإرهابية في هذه المنطقة، والتي رفضت الأنظمة الحاكمة في المنطقة استيعابها، أضف إلى ذلك سلبية المواطنين من خلال العزوف عن المشاركة في مختلف المجالات، وشعورهم بالاغتراب السياسي في أوطانهم الأصلية. علاقة منظمات اﻟﻤﺠتمع المدني بالسلطة هي علاقة غير سوية، تتميز ﺑﻬيمنة واضحة للسلطة على تحركات وأنشطة هذه المنظمات؛ وذلك من خلال عدة نماذج من القيود القانونية والسياسية والإدارية، كتدخل السلطة بأساليب قانونية وإدارية في شؤون النقابات المهنية ﺑﻬدف فرض سيطرﺗﻬا على هذه النقابات والحد من نشاطها السياسي، وتقليص دور بعض القوى والتيارات السياسية داخلها وأيضا ما تعلق ببعض القيود الحكومية المفروضة على الجمعيات، سواء ما تعلق بشروط تشكيلها أو تحديد مجالات عملها أو ممارستها لأنشطتها أو تمويليها، وقد تم إدراج هذه القيود في القوانين المنظمة للجمعيات، والتي تخول الجهات الإدارية صلاحيات تنطوي على تقييد عمل هذه الجمعيات وأنشطتها بحيث تظل داخل الحدود المرسومة لها، إضافة إلى اختلاف درجات التعاون بين السلطة ومنظمات اﻟﻤﺠتمع المدني باختلاف درجات النشاط، فالتعاون يزداد بين الحكومة والمنظمات التي تسهم في مساندة الدولة من خلال سد ثغرات الأداء الحكومي، بينما ترتفع حدة التوتر بين الحكومة والمنظمات إن كان نشاطها يتضمن تحديا لها، من أمثلة ذلك العلاقة بين السلطة ومنظمات حقوق الانسان. في ظل هيمنة الدولة / السلطة وعدم رغبتها في إدخال إصلاحات في بنيتها ومحتواها، فلقد ضعفت مؤسسات اﻟﻤﺠتمع المدني وخفت فاعليتها؛ حيث إتجهت السلطة إلى السيطرة على اﻟﻤﺠتمع المدني والحد من استقلاليته على نحو ما سبق ذكره، مما خلق توترات وحالة من التأزم شبه المستمر بين السلطة الحاكمة وبعض قوى وتنظيمات اﻟﻤﺠتمع المدني، و هو الأمر الذي يكشف عن أزمة مزدوجة، مما يتطلب إعادة صياغة للعلاقة بينهما على أسس جديدة، وذلك بإعتبار أن اﻟﻤﺠتمع المدني الفاعل والمؤثر يوجد في إطار دولة قوية تقوم على المؤسسات والقانون وليس في إطار دولة تسلطية، وفي هذه الحالة فإن دوره يكمل دورها، حيث إن كثيرا من تنظيمات اﻟﻤﺠتمع المدني تقوم بوظيفة حلقات الوصل المؤسسية بين الدولة واﻟﻤﺠتمع وتستطيع أن تسد الفراغ الذي قد ينجم نتيجة انسحاب الدولة من بعض اﻟﻤﺠالات أو تراجعها عن بعض أدوارها . زمن هنا فإن المجتمع المدني في الجزائر لا يزال لا يزال يتلمس طرقه ويبحث عن نفسه وعن وجوده الفعال في المجتمع والدولة، ومن خلال ما تم التطرق إليه يمكن إدراج بعض المقترحات التي من شأنها تلمس طريق النهوض به إلى جانب ميكانيزمات وتحركات أخرى - لا تقل أهمية - قد تسمح بمشاركة أكبر لهذه المؤسسات في البناء الديمقراطي ودرء المخاطر التي تتهدده، و ذلك اعتبارا للإمكانات والمهارات التي توفرها مثل هذه المنظمات وما تنطوي عليه من قيم ومبادئ ، و ذلك على النحو التالي: - لنجاح المجتمع المدني لا بد أن ينظر له على أنه مكمل وليس نقيض أو مضاد للدولة، فالحقيقة أن الدولة والمجتمع المدني هما شيئان مكملان لبعضهما البعض، فيمكن أن نقول أن المجتمع المدني هو الأداة التي تهتم بقضية المشاركة في شؤون المجتمع والحكم وغدارة شؤون الدولة. - لابد من إدراك أن الحكومة والمجتمع المدني أصبحتا في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى بعضهم البعض الحكومة لا تستطيع النهوض والتقدم بدون مجتمع مدني يقدم لها البدائل والموارد والقدرات، وفي نفس الوقت لا يستطيع تحقيق أهدافه بدون وجود حكومة قوية تحكم بالعدل وتسعى من أجل تحقيق الأمن والأمان لكل أفراد المجتمع. - العمل على التمكين لمؤسسات اﻟﻤﺠتمع المدني في الجزائر، عن طريق العمل على تحقيق أكبر مستوى من استقلاليتها عن السلطة، وتفعيل دورها من خلال اعتماد قنوات وأطرقانونية تجسد هذا الدور بما يحقق الاستفادة المتبادلة والتعاون والتكامل بين مهام السلطة الحكومية وما يمكن أن تؤديه تشكيلات اﻟﻤﺠتمع المدني . - إطلاق حرية تشكيل مؤسسات اﻟﻤﺠتمع المدني وتعديل القوانين المقيدة لحرية تكوين الجمعيات والنقابات والاتحادات مهما كان طابعها سياسي أو اجتماعي أو ثقافي أو اقتصادي وضمان حريتها في التمويل والحركة. -الاهتمام الجدي بالمسائل التقنية الخاصة بالتحول الديمقراطي وهو مجال لا يزال جديدا على منظمات اﻟﻤﺠتمع المدني في الجزائر، ويتعلق بتوفير الأدوات والمعلومات والخبرات التي تحتاجها منظمات اﻟﻤﺠتمع المدني الجزائري مثل تقنيات التفاوض وكيفية إدارة الخلافات أو حل النزاعات وتحقيق الوفاق. -العمل أن تعمد هذه المؤسسات على الرفع من مستوى الثقافة الديمقراطية داخلها وإشاعة روح الحوار والنقاش في صفوفها وأن تطبق بدورها عناصر التداول والانتخاب الدوري وعدم الاستئثار بالمناصب وكذا التحلي بالشفافية في جميع شؤوﻧﻬا وبالأخص في الجانب المالي، و إخضاع أعضائها للمساءلة و ضمان استقلالها ماليا وإداريا . -بذل مزيد من الجهود من أجل إصلاح أوضاع منظمات اﻟﻤﺠتمع المدني حتى تكون أكثر شفافية والتزاما بضوابط وقواعد العمل المدني، إذ لا يمكن للمنظمات المشوهة أو المريضة أن تكون أدوات ناجعة لإنجاز مهمة الإصلاح والمشاركة في صناعة القرارات المصيرية. كما في بقية أنحاء العالم الثالث تم بث الحياة في مفهوم المجتمع المدني في الجزائر في سياق مناقشة الخيارات الديمقراطية التي تطرحها أزمة الأنظمة السلطوية، فالمجتمع المدني أصبح يحتل فعلا مكانا بارزا في تفكير وجداول أعمال العديد من قوى المجتمع وهيئاته على المستويين المحلى والوطني، نظرا لدوره ووظائفه المتنوعة للنهوض بالمجتمعات المحلية والمجتمع العام والأفراد بواسطة مكوناته الأساسية وأهمها الجمعيات باعتبارها قاطرة لقياد المجتمع إلى التحديث والتطور التنمية. فالمجتمع المدني مؤشر مهم لإحداث التنمية، بحيث يرتبط دوره في المساهمة في عملياتها الأساسية و قدرته الوظيفية على التأثير في عمليات التحول الاجتماعي والسياسي للمجتمع، فهو عنصر فاعل، هذا البعد المهم الذي يكتسبه مفهوم المجتمع المدني بالنسبة للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال الوظائف والأدوار التي يؤديها في هذه المجالات يرتبط بشكل أساسي على الركائز الفكرية والبنائية التي يقوم عليها، وتتأثر قدرته في ذلك بمعطيات البيئة الاجتماعية و الثقافية و السياسية التي يعمل خلالها، وما تفرضه هذه البيئة من ضوابط والتزامات. وعلى هذا الأساس فقد جاءت الدراسة لتتبع السياق التاريخي لنشأة الدولة والمجتمع المدني في الجزائر وقد توصلت إلى أن ميلاد المجتمع المدني يرجع إلى فترة الاستعمار، لكن دولة ما بعد الاستقلال وبطبيعتها الكوربوارتية، عملت على لعب دور الوصاية على هذا المجتمع الناشئ، ولكن مع دخول الجزائر في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، إضافة إلى العديد من الضغوط الخارجية التي تزامنت مع موجات التحول الديمقراطي في مطلع العقد الأخير من القرن الماضي، حيث حدثت العديد من الانفتاحات في المجال السياسي والاقتصادي، قد أعطى الفرصة لهذا المجتمع المدني لان يطفو للسطح ويعبر عن نفسه. أما على المستوى النظري والمنهجي فقد جاءت الشواهد المتعلقة باختيار الفروض العلمية التي طرحت في صدر الدراسة، لتثبت صحتها، فبالنسبة للفرض الأول والذي يتمحور حول مفهوم الدولة والمجتمع المدني في الفكرين الغربي والعربي، فالدولة هي ظاهرة مستجدة ليست نابعة عن سيرورة التغير الاجتماعي بقدر ما تشكل كيانا غريبا وقع فرضه من الخارج بفعل الاختراق الذي تعرضت له هذه البلدان خلال مراحل تاريخية معينة، عكس الدولة في المجتمعات الغربية التي صاحب في تكوينها وتطورها التحول الاجتماعي والتغير الاقتصادي الذي عرفته الدول الأوربية منذ القرن الخامس عشر، كما أن مفهوم المجتمع المدني بمعناه الحديث مرتبط أساسا بواقع التطور السياسي في الغرب الصناعي الرأسمالي وإن تكونه، لم يكن ممكنا إلا نتيجة حصول جملة من الثورات الوطنية والاجتماعية والمعرفية، ثورات كانت تعمل مجتمعة ومتضافرة على إحداث نقلة كيفية في تعامل العقل مع أمور الفكر وشؤون الحياة السياسية والمجتمع. أما الفرضية الثانية والمتمثلة في قضية تسلطية الدولة ونفور المواطنين من المجتمع المدني، بحيث جاءت الفرضية بأنه كلما زادت تسلطية النظام الحاكم، كلما تقلصت نشاطات وحركية المجتمع المدني في الفضاء العام، حيث توصلت الدراسة بان تسلطية وقمع النظام لأصوات المجتمع المدني المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي في الجزائر، قد انعكس سلبا على تحركاتها ونشاطاتها في الفضاء العام، خصوصا بالنسبة للمنظمات الحقوقية، حيث أصبح الأفراد والجماعات يتجنبون هذه التنظيمات خوفا من قمع السلطات لذا نجد صدى قوي لأصوات هذه التنظيمات في الفضاءات العمومية . أما بالنسبة للفرض الأخير والذي يفترض أنه كلما عملت النظم الحاكمة على ترويض وتأميم القوى الاجتماعية والتنظيمات المدنية، كلما ازداد بحث الأفراد والجماعات عن أطر جديدة للتعبير عنى آرائهم وتطلعاتهم، وقد تكون هذه الأطر سلبية وعنيفة في حالة إغلاق السلطة الحاكمة لجميع الأبواب الشرعية للتعبير، وقد توصلت الدراسة لصحة هذا الفرض، فبعد تأميم تنظيمات المجتمع المدني من طرف السلطات الحاكمة في الجزائر،راحت القوى الاجتماعية تزداد سلبية وعنف تجاه الأنظمة الحاكمة، وأبرز مثال على ذلك صعود الحركات الإرهابية في هذه المنطقة، والتي رفضت الأنظمة الحاكمة في المنطقة استيعابها، أضف إلى ذلك سلبية المواطنين من خلال العزوف عن المشاركة في مختلف المجالات، وشعورهم بالاغتراب السياسي في أوطانهم الأصلية. علاقة منظمات اﻟﻤﺠتمع المدني بالسلطة هي علاقة غير سوية، تتميز ﺑﻬيمنة واضحة للسلطة على تحركات وأنشطة هذه المنظمات؛ وذلك من خلال عدة نماذج من القيود القانونية والسياسية والإدارية، كتدخل السلطة بأساليب قانونية وإدارية في شؤون النقابات المهنية ﺑﻬدف فرض سيطرﺗﻬا على هذه النقابات والحد من نشاطها السياسي، وتقليص دور بعض القوى والتيارات السياسية داخلها وأيضا ما تعلق ببعض القيود الحكومية المفروضة على الجمعيات، سواء ما تعلق بشروط تشكيلها أو تحديد مجالات عملها أو ممارستها لأنشطتها أو تمويليها، وقد تم إدراج هذه القيود في القوانين المنظمة للجمعيات، والتي تخول الجهات الإدارية صلاحيات تنطوي على تقييد عمل هذه الجمعيات وأنشطتها بحيث تظل داخل الحدود المرسومة لها، إضافة إلى اختلاف درجات التعاون بين السلطة ومنظمات اﻟﻤﺠتمع المدني باختلاف درجات النشاط، فالتعاون يزداد بين الحكومة والمنظمات التي تسهم في مساندة الدولة من خلال سد ثغرات الأداء الحكومي، بينما ترتفع حدة التوتر بين الحكومة والمنظمات إن كان نشاطها يتضمن تحديا لها، من أمثلة ذلك العلاقة بين السلطة ومنظمات حقوق الانسان. في ظل هيمنة الدولة / السلطة وعدم رغبتها في إدخال إصلاحات في بنيتها ومحتواها، فلقد ضعفت مؤسسات اﻟﻤﺠتمع المدني وخفت فاعليتها؛ حيث إتجهت السلطة إلى السيطرة على اﻟﻤﺠتمع المدني والحد من استقلاليته على نحو ما سبق ذكره، مما خلق توترات وحالة من التأزم شبه المستمر بين السلطة الحاكمة وبعض قوى وتنظيمات اﻟﻤﺠتمع المدني، و هو الأمر الذي يكشف عن أزمة مزدوجة، مما يتطلب إعادة صياغة للعلاقة بينهما على أسس جديدة، وذلك بإعتبار أن اﻟﻤﺠتمع المدني الفاعل والمؤثر يوجد في إطار دولة قوية تقوم على المؤسسات والقانون وليس في إطار دولة تسلطية، وفي هذه الحالة فإن دوره يكمل دورها، حيث إن كثيرا من تنظيمات اﻟﻤﺠتمع المدني تقوم بوظيفة حلقات الوصل المؤسسية بين الدولة واﻟﻤﺠتمع وتستطيع أن تسد الفراغ الذي قد ينجم نتيجة انسحاب الدولة من بعض اﻟﻤﺠالات أو تراجعها عن بعض أدوارها . زمن هنا فإن المجتمع المدني في الجزائر لا يزال لا يزال يتلمس طرقه ويبحث عن نفسه وعن وجوده الفعال في المجتمع والدولة، ومن خلال ما تم التطرق إليه يمكن إدراج بعض المقترحات التي من شأنها تلمس طريق النهوض به إلى جانب ميكانيزمات وتحركات أخرى - لا تقل أهمية - قد تسمح بمشاركة أكبر لهذه المؤسسات في البناء الديمقراطي ودرء المخاطر التي تتهدده، و ذلك اعتبارا للإمكانات والمهارات التي توفرها مثل هذه المنظمات وما تنطوي عليه من قيم ومبادئ ، و ذلك على النحو التالي: - لنجاح المجتمع المدني لا بد أن ينظر له على أنه مكمل وليس نقيض أو مضاد للدولة، فالحقيقة أن الدولة والمجتمع المدني هما شيئان مكملان لبعضهما البعض، فيمكن أن نقول أن المجتمع المدني هو الأداة التي تهتم بقضية المشاركة في شؤون المجتمع والحكم وغدارة شؤون الدولة. - لابد من إدراك أن الحكومة والمجتمع المدني أصبحتا في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى بعضهم البعض الحكومة لا تستطيع النهوض والتقدم بدون مجتمع مدني يقدم لها البدائل والموارد والقدرات، وفي نفس الوقت لا يستطيع تحقيق أهدافه بدون وجود حكومة قوية تحكم بالعدل وتسعى من أجل تحقيق الأمن والأمان لكل أفراد المجتمع. - العمل على التمكين لمؤسسات اﻟﻤﺠتمع المدني في الجزائر، عن طريق العمل على تحقيق أكبر مستوى من استقلاليتها عن السلطة، وتفعيل دورها من خلال اعتماد قنوات وأطرقانونية تجسد هذا الدور بما يحقق الاستفادة المتبادلة والتعاون والتكامل بين مهام السلطة الحكومية وما يمكن أن تؤديه تشكيلات اﻟﻤﺠتمع المدني . - إطلاق حرية تشكيل مؤسسات اﻟﻤﺠتمع المدني وتعديل القوانين المقيدة لحرية تكوين الجمعيات والنقابات والاتحادات مهما كان طابعها سياسي أو اجتماعي أو ثقافي أو اقتصادي وضمان حريتها في التمويل والحركة. -الاهتمام الجدي بالمسائل التقنية الخاصة بالتحول الديمقراطي وهو مجال لا يزال جديدا على منظمات اﻟﻤﺠتمع المدني في الجزائر، ويتعلق بتوفير الأدوات والمعلومات والخبرات التي تحتاجها منظمات اﻟﻤﺠتمع المدني الجزائري مثل تقنيات التفاوض وكيفية إدارة الخلافات أو حل النزاعات وتحقيق الوفاق. -العمل أن تعمد هذه المؤسسات على الرفع من مستوى الثقافة الديمقراطية داخلها وإشاعة روح الحوار والنقاش في صفوفها وأن تطبق بدورها عناصر التداول والانتخاب الدوري وعدم الاستئثار بالمناصب وكذا التحلي بالشفافية في جميع شؤوﻧﻬا وبالأخص في الجانب المالي، و إخضاع أعضائها للمساءلة و ضمان استقلالها ماليا وإداريا . -بذل مزيد من الجهود من أجل إصلاح أوضاع منظمات اﻟﻤﺠتمع المدني حتى تكون أكثر شفافية والتزاما بضوابط وقواعد العمل المدني، إذ لا يمكن للمنظمات المشوهة أو المريضة أن تكون أدوات ناجعة لإنجاز مهمة الإصلاح والمشاركة في صناعة القرارات المصيرية.

Mots-clès:

Nos services universitaires et académiques

Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).

Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!

Comment ça marche?
Nouveau
Si le fichier est volumineux, l'affichage peut échouer. Vous pouvez obtenir le fichier directement en cliquant sur le bouton "Télécharger".


footer.description

Le Moteur de recherche des thèses, mémoires et rapports soutenus en Algérie

Doctorat - Magister - Master - Ingéniorat - Licence - PFE - Articles - Rapports


©2025 Thèses-Algérie - Tous Droits Réservés
Powered by Abysoft