الخطاب النقدي المعاصر وآلياته الإجرائية في مقاربة النص الشعري المعاصر(عبد الله الغذامي أنموذجا).

Résumé: تطمح هذه الدراسة إلى رصد أهم تحولات الخطاب النّقديّ المعاصر والقصور الذي وقع فيه، وملابسات ظهور النقد الثقافيّ بوصفه رؤية نقدية. ظهرت منذ ما يقارب الثلاثين عاما، ضمن رؤى ما بعد الحداثة النقدية، فالنقد الثقافيّ يقارب الخطاب الأدبيّ للكشف عن علله وعن الأنساق المضمرة والمتخفية خلفه. فهو يدعو إلى رفض الرؤية الأحادية للمظاهر الثقافيّة؛ مادام يجسد رؤية نقدية فلسفيّة جديدة ويتوسل أدوات نقدية وجهازا مفاهيميا في أجرأته النّقدية للخطابات الإبداعيّة، لأن الوافد الجديد يروم شكلنة مختلف أبعاد الثقافة العربية، وهذه دعوة إلى ممارسة التفلسف وفق آليات النقد الثقافيّ للوصول إلى الخلل الذي يعانيه خطابنا النقديّ العربيّ المعاصر. تركّز الاهتمام –بعد ذلك- بداية من الفصل الثانيّ على الوقوف على المرجعيات المعرفية لمنهج الغذامي وخصوصية مشروعه الثّقافيّ، الذي شكّل منعرجا حاسما في الدراسات النقديّة المعاصرة بامتداده المعرفيّ في أكثر المساحات الفلسفيّة والنقديّة خصوبة في النظرية الحديثة، حيث إنه يستقي جهازه المصطلحي من المناهج النقديّة الغربية المعاصرة في تعالقها مع الموروث الثقافيّ العربيّ، فسعى الغذامي إلى تشييد جسر معرفي بين ما هو جديد وبين الموروث القديم وتحديثه؛ لذا ركز على منظومة اصطلاحية نقدية تشمل ستة أساسيات تشكل منطلقا منهجيا لمشروعه الثقافيّ ويحددها في: عناصر الرسالة (الوظيفة النسقية)، المجاز الكلي، التورية الثقافيّة، نوع الدلالة، الدلالة النسقية(الجملة النوعية)، المؤلف المزدوج. فالنقد الثقافيّ استهدف تقويض البلاغة والنقد معا، بغية إنتاج بديل منهجي جديد. ومن ثم جاء التركيز في الفصل الثالث على خطاباتنا الشعرية الممثلة بثلة من الشّعراء-المتنبي، وأبو تمام، ونزار قباني، وأدونيس- لتحديد الأنساق المتسربة إلى خطاباتنا الشّعريّة وكيف أنها غيرت ذواتنا؛ من خلال قدرة النّسق الشّعريّ على صناعة الفحل الشعريّ والطاغية، لإنتاج علاقة مبنية على الخداع البصري، فتنسج الشّعرنة وتقام مملكة الأحادي والمكرس للذات. يمثل خطـاب الجسد في ثقـافتنا العربيـة مفهـوما مكتنزا بالـرؤى والإشكالات، لأنه شكّل عبر أحقاب زمنية متعددة ولازال موضوع بحث ودراسات متنوعة. والجسد بوصفه خطابا ثقافيا حاضرا في خطاب الغذامي، وهذا دليل قاطع على انفتاح خطابه على الخطاب الأنثويّ متحررا من السلطة الأبوية التي قيّدت المبدعين والأدباء في المشهد الثقافيّ العربيّ. فالخطاب النسـويّ يعتمد على ما يثيره النّص من تساؤلات موجهة للقارئ لها علاقات بالمرجعيات الرمزية واللغويّة والسياسيّة والاجتماعيّة، حتى يصل القارئ إلى فهم كنه الإشكالات التي يثيرها الطرح الأنثويّ داخل النصّ وخارجه وخاصة كيفيـة تمـرير هذا الخطاب النّسويّ أنساقه دون وعي من الرقابة الذكوريّة بإنتاج نص مختلف موجه لقارئ مختلف يستطيع إدراك نقد السيطرة الذكوريّة. لنصل في نهاية الدراسة إلى أننا مطالبون بمسـاءلة واقعـنا الراهن واستكشاف خصوصياته المختلفة، وإن كان في ذلك تقاطع الفلسفة الغربيّة، حتى نغير زاوية توقعاتنا ونمد جسر التّواصل بين الأنا والآخر.

Publié dans la revue: