جريمة قبض العمولات في الصفقات العمومية
Résumé: يقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم " وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطل وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بالإثم وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ "" البقرة :188. ان الحديث عن المال العام هو بالضرورة الحديث عن الصفقات العمومية استراتجية الدولة للنهوض بأعباء الخدمة العامة , فهي ضرورة حتمية لكل دولة تريد الرخاء والرفاهية لشعبها وذلك بوصفها وسيلة للتنمية والاستثمار ,كما ان لهذه العقود ثقل اقتصادي نسبة الى الدخل القومي فهي اداة لتنفيذ مخططات التنمية الوطنية المحلية ومختلف البرامج الاستثمارية فالأموال والمبالغ التي تصرف بعنوان صفقة لجهاز مركزي او محلي او مرفقي او هيئة وطنية مستقلة تتحمل اعبائها المالية الخزينة العمومية. تعرف المادة 04 من المرسوم الرئاسي 10-236 المؤرخ في 7 اكتوبر سنة 2010 الذي ينظم الصفقات العمومية ان الصفقات : " عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به ,تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم ,قصد انجاز واقتناء اللوازم والخدمات والدراسات ,لحساب المصلحة المتعاقدة ". لكن بالرغم من تقنين و تنظيم عقود الشراء في قوانين خاصة بها تبقى هذه العقود المجال الواسع و الميدان الرحب لانتشار الممارسات الممنوعة , فالصفقات العمومية لها ثقل اقتصادي نسبة الى الدخل القومي ,وهي تخلف أثارا لا تخطؤها العين من مظاهر الثراء السريع على المتعاملين ,حتى بات اكتساب رجل تجاري للإشغال او لكل أشغال الدولة جوازا للسفر نحو الغنى الفاحش . دراستنا ستنصب حول احدى اخطر جرائم الفساد التي اصيبت بها المجتمعات القديمة والحديثة على حد سواء , جريمة انتشرت بسرعة و تخللت الانشطة العامة وتغلغلت الى وحدة التراب الوطني لتضرب اهم جهاز بها وهو الموظف العام الفاعل المنفرد بارتكابها والمؤتمن على تسيير الاموال العامة وتوجيهها نحو تحقيق الصالح العام ,فالأموال التي تصرف بعنوان صفقة والتي تمولها الخزينة العامة هي محط انظار رجال الفساد والقائمين على هذه العقود ,فهي ظاهرة تتماشى والتطور الاقتصادي والصناعي الذي تعرفه دول المعمورة . ان قبض العمولات في الصفقات العمومية من الجرائم التي يسعى رجال القانون دائما التحكم بزمامها وتضييق خناق القائمين عليها ,فهي على عكس الجرائم الاخرى التي ترتكب في مجال الصفقات العمومية مثل المحاباة والتي تخالف التشريع المعمول به في هذا المجال ,يمكن ان تقوم هذه الجريمة بدون مخالفة النصوص التنظيمية التي تقوم عليها الصفقات . فهذا الموظف الطالح ولعلمه مسبقا انه يعبر عن ارادة الدولة في تسيير اموالها ,وانه يملك وسائل الانتاج ويتحكم في توجيهها , كما انه يملك بزمام السلطة والنفوذ في المجتمع يستغل هذا الموقع ليحطم المبادئ الاساسية التي تقوم عليها الصفقات . فالهدف من هذه الدراسة يتجلى في اهميته البالغة في الوقوف امام هذه الممارسات الممنوعة التي يقوم بها هؤلاء الموظفين والتي تسند اليهم مهمة تسيير الاموال ,فهنا لا يكفي معرفة النص القانوني المجرم وأركان هذه الجريمة للكشف عن هذا السلوك الخطير وتوجيه الاتهام الى الجناة ,بل ان الامر يتعداه الى ضرورة الالمام بمختلف التقنيات والإجراءات القانونية اللازمة لإبرام وتنفيذ هذه العقود والتي من اجلها تصرف مبالغ مالية ضخمة من ميزانية الدولة وذلك كله بغرض الوصول الى التكييف السليم والقانوني لهذه الجريمة وتحديد المسؤولية الجزائية لهذا الجاني الذي يتمثل في الموظف العام والذي عينته الادارة للمحافظة على اموالها وأموال شعبها , وهذا كله لا يتأت إلا بتضييق خناق القائمين على مثل هذه العقود والذين يطلبون او يقبلون اموالا غير مشروعة من اجل منح او تسهيل او الموافقة على مشاريع تنخر الاقتصاد الوطني وتمس بمبدأ سيادة القانون وتحطم مبادئ العدالة الاجتماعية . كما انه يجب الاعتراف بحقيقة لا مفر منها ان هذه الرشوة في الصفقات تثير الكثير من الصعوبات والإشكاليات المتعلقة بكيفية الوصول إلى مكافحتها بصورة فعالة ؛ فباعتبار ان هذه الظاهرة تدخل في إطار الأنشطة الاقتصادية فغالبا نجد مرتكبيها يتصفون بصفات المجرم المعلوماتي أي المجرم الذي يتميز بذكاء في كيفية ارتكاب هذه الجرائم وجعلها في صورة مشروعة وقانونية وهذا بقيامه بعمليات متتابعة تزيل عنها صفة الإجرام وخاصة انه يعلم مسبقا أن هذه الصفقات التي ستبرم , محاطة بمجموعة من القواعد القانونية تنظمها وتحكمها يستحيل معها ارتكاب جرائمه ,كما ان جريمة الرشوة تتميز بطابعهما السري الذي يصعب معه اكتشاف هذه الجريمة تأسيسا على ذلك ارتأينا طرح الاشكالية الاتية : ما هي خصوصية جريمة الرشوة السلبية في الصفقات العمومية وما هي اليات وطرق مكافحتها ؟ ومن هنا كان لابد لنا من تحديد الداء قبل معرفة الدواء .
Mots-clès:
Publié dans la revue: مجلة صوت القانون
Nos services universitaires et académiques
Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).
Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!