النظرية الأخلاقية في الفكر الديني المسيحي- دراسة تحليلية نقدية
Résumé: إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. أما بعد ؛ إن الحديث عن الاخلاق في الديانة المسيحية يتطلب منا دراسة تاريخ الاخلاق في الامم وعلاقتها بالأخلاق المسيحية في العصور الاولى والوسطى والعصر الحديث، فتناولت هذه الأطروحة الموسومة ب" النظرية الاخلاقية في الفكر الديني المسيحي " فالأخلاق باعتبارها أساس البناء الحضاري للأمم فهي المعيار الذي يبين ويوضح السلوك الحسن من القبيح ويفرق بين ما هو خير وشر في معاملة الناس لبعضهم البعض وأفعالهم المرتكبة فهي القاعدة لقياس سلوكياتهم، فموضوع الأخلاق والتعايش هو أكثر المواضيع إثارة عند المفكرين وأصحاب الملل، فللأديان نصيب في ذلك بحيث أن الانبياء قد أمروا بحسن الخلق ونهوا عن سيئه باتباع الفطرة السليمة والعقل الذي وهبه الله للبشر والالتزام بتعاليم الدين ، فمما لاشك أن الكتب والنظريات لا يمكن أن تحقق الأخلاق بل تلك القدوة التي يمتثل إليها المرء فيُصقل كيفما برع المجتمع في توجيهها، مما سارعت الملل الى دراسة نظرية الأخلاق في كلياتهم والبحث في هذا المجال وتبني الفكر الاخلاقي خصوصا النصارى والتأصيل له من خلال الاطلاع على فلسفة الأخلاق والبحث في المصادر المقدسة لإثراء هذا العلم وفقا لمناهجهم اللاهوتية . فبمقتضى الإيمان والعقيدة التزم النصارى بدراسة علم الأخلاق أو ما يسمى بنظرية الأخلاق وبناء على ما سبق قررت أن أتناول في هذا البحث نظرية الأخلاق وجذورها التاريخية في رسم الثقافة المسيحية ، كما بينت في ثنايا الدراسة المصادر التي يستند عليها النصارى في اخلاقياتهم وهو المصدر الالهي لكتابهم المقدس بعهديه، وقد دعى المسيح عليه السلام بني إسرائيل للأخذ بالكتاب المقدس والإيمان به؛ فقد جاء في إنجيل مرقس:" وبعدما أسلم يوحنا جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" ، فتعتبر الاناجيل خاصة والكتاب المقدس عامة هو المصدر المعول عليه اولا في الاخلاق المسيحية؛ كما اشتمل البحث في طياته عناصر عدة وكانت وفق خطة بعد جمع المادة العلمية، وسعيا لتحقيق الأهداف المرجوة من البحث ارتأيت أن أقسم البحث إلى مقدمة وفصل تمهيدي وثلاثة فصول؛ فالمقدمة كان فيها تمهيد للموضوع وقد حوت التعريف بالموضوع، وذكر أهميته، مع ذكر أسباب اختياره، والإشكالية المراد الجواب عنها، والدراسات السابقة، والمنهج المتبع، ومنهجية البحث، ثم الخطة المتبعة. وبدأت بعدها بالفصل التمهيدي يحتوي على مفاهيم ومصطلحات للعنوان أعرف فيه مفردات العنوان للوصول إلى تصور متكامل لموضوع بحثي، قبل الولوج إلى موضوع البحث، إذ الحكم عن الشيء فرع عن تصوره؛ فعرفت كلا من النظرية والاخلاق والفكر. ثم تطرقت للفصل الأول الذي به مراحل تطور الأخلاق وتطرقت فيه للأخلاق بالدراسة من الجانب التاريخي حتى يتسنى لي معرفة التطور الذي حدث للمنظومة الأخلاقية في الفكر المسيحي، ثم تحدثت فيه عن الأخلاق عند اليونان لكل من السفسطائيين وسقراط، أفلاطون، أرسطو ثم أبيقور، كما تطرقت للأخلاق في العصر الوسيط لكل من أوغستين وتوما الإكويني، حيث بينت ان فالمدرسة الأفلاطونية ركزت في منظورها للأخلاق على أساس الحكمة والعدالة والشجاعة والتعقل، كما اعتبر أفلاطون أن الفضيلة هي نتيجة لتحقيق النفس للمثل الأعلى للحقيقة؛ أما المدرسة الأرسطية فقد شددت على التوسط والاعتدال في نظرها للأخلاقية، كما ركزت على فهم الأخلاق والفضيلة من خلال تحقيق الهدف النهائي للإنسان وهو السعادة التي يمكن تحقيقها من خلال ممارسة الفضيلة وتجنب الشر؛ في حين نجد المدرسة الأبيقورية ركزت على فكرة تحقيق السلوك الصالح والإيثار والعدل كوسيلة للعيش السعيد والمجتمع المزدهر. وختمته بالحديث عن الأخلاق في العصر الحديث، مبرزا الأخلاق عند الحداثيين وأخلاق ما بعد الحداثة، فبينت الحالة الدينية والفلسفية لهذا العصر، وقدمت نموذجين لكل من إيمانويل كانت الفيلسوف الألماني الذي وضع منهجا أخلاقيًا مبتكرًا يرتكز على مفاهيم مثل الواجب والمركزية الأخلاقية للإرادة والعقل، والفيلسوف فريدريك نتشه الذي قدم مفاهيم جديدة وجريئة تتناول الحياة والتصرف الأخلاقي من زاوية مختلفة؛ فلكل منها بصمة في التحول الفكري للأخلاق. وانتقلت للفصل الثاني الذي درست فيه لمصادر الاخلاق، تحدثت فيه عن الأخلاق في العهد القديم (التوراة) باعتباره كتابا مقدسا عند المسيحين منه يأخذون تعاليمهم، كما تحدثت فيه عن الأخلاق في العهد الجديد (الإنجيل) كتابهم المقدس، بغرض مقارنة بين العهدين بذكر أوجه الاتفاق وأوجه الاختلاف، لمعرفة التطور الذي حدث للفكر المسيحي في منظومته الأخلاقية، ثم تطرقت لمصادر التقنين الديني وفق المجامع المسكونية ومصدر التلقي الباباوي. اما الفصل الثالث الموسوم بالأخلاق في الفكر المسيحي فركزت فيه على الأخلاق في المسيحية، حاولا إبراز التحولات التي واجهت المسيحية وكيف تعامل معها المسيحي، ثم عن ماهية نظرة المسيحي للأخلاق المعاصرة، وهل لا يزال لها مكانتها في حياته أم أنها تأثرت بالتغيرات الرهيبة التي حدثت للمجتمعات المسيحية وكانت الخاتمة بذكر ما توصلت إليه من نتائج من خلال خوض غمار هذا الموضوع ، وأحسبني وقفت على مجموعة من النتائج وقدمت فيها بعض التوصيات
Mots-clès:
Nos services universitaires et académiques
Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).
Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!