الحياة و مصادر القلق و الصحة النفسية.
Résumé: يقول الله عز وجل في القرآن الكريم : " إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان " [الرحمان : 33]. قول الله ينطبق على الأنام إذ أن التحصيل العلمي والفني لمختلف العلوم والفنون من قبل البشرية صار العمود الفقري لأي فرد أو مجتمع يريد أن يحيا بعيدا عن الانعزال ليقتحم الركب الحضاري المطلوب وجوديا ومعيشيا. هذا التحصيل المذكور أعلاه، أدى إلى تطورات جمة في ميادين التغذية، الصحة، البحث العلمي، السياسي، الثقافي، الإداري، التجاري، الصناعي، الفلاحي، الفلكي...الخ، وغيرها من الميادين التي لا تعد ولا تحصى. هذه التطورات والتطويرات التي وقعت في مثل هذه المذكورات من الميادين، نتج عنها عروض ومطالب في توفير الوظائف ذات الاختصاصات المتميزة التي بدورها تتطلب مستويات عالية من العلم والمعرفة لمختلف العلوم والفنون مما أدى إلى بروز : ظاهرة التوافق التي استطاعت نسبة من الناس الاستجابة لهذه العروض والمطالب، ونسبة أخرى كبيرة وقع لها إحباط لإخفاقها للاستجابة للمطالب والعروض الحديثة (محمد غالي : 1973) التي ليست في متناول الجميع من الأنام. لذا نجد هنا بعض الطموحات أحبطت ونتج عنها شعور بالدونية مما يسهل عملية الانعزال والانطواء والخروج عن دائرة المجتمع الطبيعية. إذن، فالإخفاقات التي وقعت في صفوف الناس بصفة عامة والمتعلمين بصفة خاصة في المؤسسات التربوية والتكوينية التي أنشئت من أجل صناعة الطاقة البشرية وتأهيلها علميا، مهنيا وفنيا...، ومصدرها التطورات الحاصلة في مختلف الميادين المسجلة أعلاه، إذ أن هذه الميادين ارتقت إلى إنتاج أدوات ووسائل تستثمر في مجالات الحياة، وتوظف من أجل أهداف دقيقة ومحددة، إلى أن أصبح التعامل معها يتطلب علوما وفنونا تصل إلى درجة ما وراء المعرفة Méta-cognition الشيء الذي عقد عملية التمكن مع هذه المنتوجات التكنولوجية التي تمثل مصادر المعرفة لمختلف العلوم والفنون مما أدى إلى تعطيل ظاهرة التوافق والتكيف للقدرات العقلية الفردية والجماعية مع المنتوجات التكنولوجية الموجهة لمختلف مشارب ومصادر الحياة بمختلف أنواعها العامة والخاصة, إذن فالمعطلات للقدرات العقلية التي تتمثل في القدرة على التعامل مع الأشياء بمستويات "ما وراء المعرفة"، « Méta-cognition » أدى إلى البحث في مختلف الميادين العلمية منها: الطبية، الغذائية، التربوية – النفسية، علم الاجتماع بجميع فروعه...، هذا الاتجاه الجديد يمكن تفسيره عن طريق مختلف التخصصات التي بزغت للوجود مثل: التربية الخاصة، التربية المقارنة، تاريخ التربية، علم النفس المرضي،اللغوي، العيادي، التوجيه والإرشاد، علم النفس المدرسي، البيداغوجيا، استراتيجيات التعلم – علم النفس التربوي، علم النفس الاجتماعي، ضف إلى ذلك علم الاجتماعي، ضف إلى ذلك علم الاجتماع الثقافي، الصناعي الريفي...أما في ميدان الطب، تفرعت عدة اختصاصات نذكر منها : الطب النفسي، طب الأعصاب، طب الأحشاء الداخلية...كل هذا الزخم من الاختصاصات، وجه للبحث عن مكنونات وخفايا المعطلات للقدرات العقلية التي أخفقت في التكيف والتوافق مع ما توفر من المنتوجات التكنولوجية من معارف، علوم، وفنون التي تتطلب من مختلف الأفراد مستويات علمية وفنية ومهارات مهنية وذلك من أجل استغلالها في الحياة والأنشطة المختلفة اليومية، وبالتالي يمكن توظيفها توظيفا يستجيب لحاجيات الأفراد والجماعات... (RAHE,RH, et al. M : 1977) إضافة إلى البحث عن الخفايا المعطلة للقدرات العقلية، فإن البحث لم يقتصر على هذا الجانب، بل شمل أيضا البحث عن الطرق ومناهج العلاج لهذه القدرات العقلية والعاطفية لمختلف الأفراد بصفة عامة والمتخلفين أو الذين يعانون صعوبات في التعلم بصفة خاصة (WADE, C et al : 1987) وذلك لتسريع عملية التعليم وتنمية عملية التحصيل الذي يعبر ع وقوع التعلم عند المتعلمين... هذه الاجتهادات من قبل المختصين في المجالات المذكورة أعلاه، تطمح لتقليص Dease ظاهرة البطء في عملية التحصيل العلمي – المعرفي والفني في صفوف الآنام بصفة عامة والمتعلمين بصفة خاصة، وذلك من أجل تمكين الأجيال من الاستجابة لما يطرح تكنولوجيا في ميدان الحياة اليومية المفعمة بمختلف الأنشطة التي تمس جميع المجالات المذكورة آنفا. هذه التجاذبات بين التكيف والتوافق وعدمها، أي الإخفاق في في تحقيقهما، نتج عنها، مكونات مادية ومعنوية ذات علاقة بحياة الأفراد والجماعات في مجتمعاتهم المختلفة، من بينها : الضغوطات النفسية، الجسمية، العقلية، والعاطفية (BROWN,G,W, et al : 1978) مما ترتب على ذلك قصور في مستوى الأداءات المهنية – العلمية وغيرها من الميادين، مما يجعل الأفراد والجماعات يشعرون بعدم القدرة على تحقيق المكانة الاجتماعية الطموحة مما يفتح الباب أمام الاضطرابات " النفس شخصية " وبالتالي فالحياة تصير محل تهديد، وهذه الأعراض أشارت إليها عدة دراسات طبية ونفسية اجتماعية مثل الطب السيكوسوماتي والأمراض النفسية (REES, WL : 1976) وهي مجموعة من الاضطرابات والأعراض الجسمية التي تحدثها عوامل انفعالية يمكن أن يصل الفرد إلى حالة شعورية غير واعية، إضافة إلى عدة أمراض وانحرافات نتجت عنها مجتمعات مريضة، لا يمكنها الارتقاء إلى طموحات المجتمعات التي تعمل على تحقيق مشاريع الأفراد والجماعات.
Mots-clès:
Publié dans la revue: المجلة الجزائرية التربية والصحة النفسية
Nos services universitaires et académiques
Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).
Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!