منهج المفسرين في قبول القراءات والترجيح بينها

Résumé: لقد بذل المفسرون الذين عرضنا لهم في هذا البحث جهودا كبيرة في توجيه القراءات القرآنية، سواء كانت متواترة أو شاذة، بما يخدم غرض كل مفسر في بيان أبعاد النص القرآني، وإدراك مكنوناته من خلال القراءات القرآنية، مما أثرى تلك التفاسير بمعاني ودلالات متنوعة وقواعد لغوية مختلفة، وهذا يدل على مدى ارتباط القراءات بالتفسير، ولذلك تعد القراءات من أهم أدوات التفسير ومقوما ته. وكانت للمفسرين تجاه القراءات القرآنية مواقف متعددة ونظرات متفحصة تستند إلى النقل أحيانا وإلى الرأي والاجتهاد أحيانا أخرى، وقد اختلفت مقاييسهم في الحكم على القراءة من حيث القبول والرد أو الترجيح، ولا ينفي ذلك اتفاقهم على وجوب الأخذ بضوابط قبول القراءة عند القراء وهي: التواتر أو صحة السند وموافقة مقاييس القراءة لرسم المصحف، وكذا موافقتها لأحد أوجه اللغة العربية، وقد كثر الاختلاف بين القراء والمفسرين حول هذا الضابط الأخير، إذ يشترط المفسرون في قبولهم للقراءات أن توافق أفصح لغات العرب دون الفصيح منها، وإذا خالفت ذلك اعتبرت شاذة أو ضعيفة، ولو صحت رواية متأثرين في ذلك ببعض اللغويين والنحاة الذين حكّموا المقاييس اللغوية على القراءات القرآنية بنوعيها المتواترة والشاذة، والصحيح عند القراء أن القراءة إذا ثبتت رواية فلا يردها قياس عربية، لأنّ القراءة سنة متبعة. وانتقد بعض المفسرون القراءة أيضا لاعتبارات أخرى، كمخالفتها للمعنى المقصود من الآية في نظرهم، وكان للمعنى أيضا دور مهم في الترجيح بين القراءات إذ تعد القراءة المفضلة عند المفسرين هي التي تحمل معنى قويا يخدم التفسير، وفي ذلك اختلفت آراء المفسرين وأقوالهم في الترجيح بين القراءات من حيث المعنى، مع أن كل تلك المعاني الواردة في القراءات المتواترة محتملة وصحيحة ولا تضاد بينها، ولو اختلفت وتنوعت وذلك من قبيل تعدد الآيات وهو ضرب من ضروب الإعجاز القرآني.

Publié dans la revue: