المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في ظل قانون العقوبات
Résumé: على ضوء الدراسة المقدمة، يتبين لنا أن موضوع المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي من المواضيع القانونية الأكثر تسارعا وتعقيدا في الوقت الحاضر، خاصة مع تزايد عدد هؤلاء الأشخاص وتطورها، وأصبحت تقوم بدور كبير في الحياة الاقتصادية، كما أن لها من الإمكانيات والقدرات ما يفوق إمكانيات الأفراد في التأثير على الحياة الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء . وقد استخلصنا من خلال البحث في هذا الموضوع أن المسؤولية الجزائية للشخص إنما أصبحت المعنوي تتجاوز بكثير مرحلة الجدل الفقهي حول مدى مسؤوليتها من عدمه، وإن كانت بعض التشريعات المقارنة لا زالت تعارض فكرة المسؤولية تمثل حقيقة تشريعية، حتى الجزائية لهؤلاء الأشخاص، إلا أنها لا تظهر أمام أغلب التشريعات الحديثة، منها التشريع الفرنسي، فبعد أن قاوم الاعتراف بهذه المسؤولية لمدة طويلة من الزمن، إلا أن قانون العقوبات الفرنسي الجديد أقر في المادة 121 2 /مبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي. وقد سبقه في ذلك التشريع الانجليزي الذي كان من التشريعات السباقة إلى الإقرار بهذا المبدأ، وذلك في منتصف القرن التاسع عشر. وقد نهج نهجها التشريع الجزائري بعد تعديله لقانون العقوبات و قانون الإجراءات الجزائية في سنة 2004. إن المشرع الجزائري من خلال نص المادة 51 مكرر من ق. ع. ج قصر المسؤولية الجزائية على الأشخاص المعنوية الخاصة الخاضعة للقانون الخاص فقط، مع استثناء الدولة والجماعات الإقليمية والأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام، على عكس المشرع الفرنسي مما سيؤدي إلى إفلات بعض الأشخاص المعنوية من العقاب، كما أن تقرير هذه المسؤولية على الأشخاص المعنوية العامة يتنافى مع مبادئ العدالة الجنائية . أما بالنسبة لشروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، فإن المشرع الجزائري اشتر ط لقيامها أن ترتكب الجريمة من قبل أحد أجهزة أو أحد الممثلين الشرعيين للشخص المعنوي، أي فيما عدا هؤلاء الأشخاص فإنه تنتفي المسؤولية الجزائية عن الشخص المعنوي إذا ما ارتكبت من قبل أحد مستخدمي هذا الأخير، ومنه نرى أن المشرع الجزائري ضيق من حجم تطبيق المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي من الناحية العملية، مما يؤدي إلى تعذر معاقبة خاتمة فروع أو وحدات وأنشطة في أماكن بعض الأشخاص كالشركات الكبرى التي تكون لديها عد متباعدة. كما أن المشرع الجزائري على غرار باقي التشريعات التي أقرت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، لم تستبعد مسؤولية الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي، أي أن المشرع الجزائري أقر بمبدأ ازدواج المسؤولية الجزائية بين هذا الأخير والشخص الطبيعي . أما بالنسبة للعقوبات المطبقة على الشخص المعنوي، فالمشرع بالرغم من أنه تضمن العقوبة المقررة للجريمة ذات و صف مخالفة بالنسبة للشخص المعنوي، إلا أنه لا يسأل جزائيا عن أية جريمة ذات وصف مخالفة، مع العلم أن هناك الكثير من المخالفات التي يتسبب في وقوعها الشخص المعنوي. كما أنه لم يفرق بين مقدار عقوبة الغرامة للجنايات والجنح، وهو ما يخالف مبدأ تفريد العقوبة . كما أن المشرع لم يتطرق إلى تحديد حالات جواز توقيع عقوبة الحل رغم أنها من أشد العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي، لأنها تؤدي إلى إعدامه من الوجود، كذلك لم يضع نصوصا تحدد إجراءات تطبيق عقوبة الوضع تحت الحراسة القضائية . بالنسبة لإجراءات متابعة الشخص المعنوي، فإن موضعه هو الأخطر، إلا أن المشرع أضاف فصل مكرر بعنوان " التحقيقات الابتدائية " مع العلم أن أغلب الجرائم التي يرتكبها الشخص المعنوي لا تمر بمرحلة التحقيق، فالتحقيق وجوبي فقط في مواد الجنايات، أما في مواد الجنح والمخالفات فيكون اختياريا . كما أن المشرع الجزائري لم يبين ما هي الضبطية القضائية المكلفة بالتحقيق في الجرائم التي يرتكبها الشخص المعنوي . وبالنسبة لصحيفة السوابق العدلية، فإن المشرع الجزائري نص عليها إلا أنها تبقى نصوص ناقصة، ولا يمكن الاستناد إليها لتنظيم صحيفة السوابق العدلية الخاصة بالأشخاص المعنوية . أما بخصوص مسألة رد الاعتبار للشخص المعنوي، فإن التشريع الجزائر ي يسوده فراغ قانوني بشأنه إذ لم ينص على هذه المسألة، فإننا يمكن أن نفهم أن المشرع استبعد رد الاعتبار للشخص المعنوي، أو أنه تطبق عليه نفس الإجراءات المطبقة على الشخص الطبيعي، أو رد الاعتبار للشخص الطبيعي يعني بالضرورة رده للشخص المعنوي، ويبقى الغموض سيد الموقف في هذه المسألة . من خلال كل هذه النتائج التي توصلنا إليها، نقدم مجموعة من الاقتراحات التي من شأنها أن تساهم في التكريس الفعلي لمبدأ المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية، وكذلك للحد أو التصدي لخطورة الجرائم التي يرتكبها هؤلاء الأشخاص، وهي كالتالي 1- على المشرع إزالة الفوارق بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، من خلال توسيع نطاق المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، أي عدم الاكتفاء بمساءلة الأشخاص المعنوية الخاصة، فهناك من الأشخاص المعنوية العامة من يمكن مساءلتهم، خاصة وأنها أصبحت تمارس نشاطات الأشخاص المعنوية الخاصة . 2 2- أيضا أن يوسع المشرع الجزائري من فئة الأشخاص الطبيعيين الذين يسأل الشخص المعنوي عن الجرائم التي يرتكبونها لحسابه، ليشمل كل مستخدمي الشخص المعنوي، أو من الأفضل أن يقتدى بما اقتدى به المشرع الفرنسي، خاصة أن المشرع الجزائري تأثر بالمشرع الفرنسي، فيكتفي فقط باستعمال عبارة " الممثل " دون إضافة عبارة " الشرعي " وهذا من شأنه أن يؤدي إلى التوسع من نطاق المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية . 3- كما نقترح أيضا أن يتم تصنيف العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي حسب خطورة كل جريمة، بحيث لا يترك الأمر للسلطة التقديرية للقاضي. كما يقوم بتحديد مقدار أكبر للغرامة التي توقع على الشخص المعنوي في مادة الجنايات غير المقدار المحدد لها في مادة الجنح، مع إضافة الجزاءات بما يتلاءم مع طبيعة تحديد حالات جواز توقيع عقوبة الحل، كذلك تطوير و الشخص المعنوي . 4- كما نأمل من المشرع الجزائري إزالة الغموض بشأن مسألة رد الاعتبار للشخص المعنوي ويقوم بوضع نصوص خاصة وصريحة تنظم هذه المسألة، وكذلك سد جميع النقائص الموجودة في قانون الإجراءات الجزائية، من خلال تحديد الضبطية القضائية المكلفة بالتحقيق في الجرائم المرتكبة من طرف الشخص المعنوي، وكذلك النص على أحكام خاصة بصحيفة السوابق العدلية لتفادي النقائص الموجودة في بعض النصوص التي تنظم هذه المسألة
Mots-clès:
Nos services universitaires et académiques
Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).
Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!