دور العامل الخارجي في تجارب الانتقال الديمقراطي في المنطقة العربية
Résumé: منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين بدأ الاهتمام بمسألة "الانتقال الديمقراطي" باعتبارها مبحثاً أساسياً في علم السياسة، فطُرحت العديد من النقاشات النظرية والتحليلية لتفسير هذه الظاهرة التي تتميز بالديناميكية والتعقيد، فاهتمت جُل أدبيات الانتقال الديمقراطي بمناقشة مجموعة من القضايا والمتغيرات ذات الصلة بعملية الانتقال، خصوصاً العوامل المؤثرة فيها، فكان أغلب تركيزها على العوامل الداخلية مع إهمال نسبي وواضح لدور العوامل الخارجية في تفسير الظاهرة. هذه الأخيرة شكّل وجودها أحد أهم الملامح التي ارتبطت بموجة الانتقال الديمقراطي التي شهدها العالم حيث لعبت العوامل الخارجية دوراً هاماً في دعم الكثير من مسارات الانتقال أو العمل على عرقلتها. ومع بداية تسعينات القرن العشرين بدأ الاهتمام بدور العوامل الخارجية تدريجياً، فحاولت الكثير من الدراسات أن تُبرهن وتُقدم العامل الخارجي على كونه عامل مساعد على الانتقال، من خلال استحضار نماذج معينة، حيث عَمِلت الدول الكبرى على دعم الديمقراطية فيها وتحفيزها، لكن في الحقيقة، فإنه ونظراً لاقتران هذه العوامل الخارجية بأوضاع داخلية في تلك الدول، فكان تدخلها مُنسجماً مع التجانس والوحدة الوطنية في ذلك الوقت في هذه الدول، فساعدت على الانتقال، أي أن التدخل في تلك الدول لم يخلق نظاماً ديمقراطياً من لا شيء، وبذلك نستنتج أنه ليس لهذه التغيرات الخارجية الحد الأكبر من التأثير إلا عندما تقترن بأوضاع داخلية تتقبل الديمقراطية، في المقابل وفي كثير من النماذج ومن أبرزها المنطقة العربية، أثبتت الملاحظة التاريخية والوقائع، أن العوامل الخارجية لم تؤيد ولم تدعم المسار الانتقالي بل شكلت عامل انتكاسة وعملت على إعاقة أي محاولة ديمقراطية في المنطقة. وتزداد قيمة العامل الخارجي في الحالة العربية نظراً لاعتبارات كثيرة جعلت منها منطقة نفوذ دولي، أهمها يتمثل في طبيعة الأنظمة السياسية في المنطقة العربية، حيث تتميز هذه الأخيرة بكونها أنظمة أبوية استبدادية وتسلطية وغير شرعية، تستمد شرعيتها بتفاعلاتها مع الخارج. كما تستند على الولاءات الطائفية أو الجهوية أو القبلية أو الكومبرادورية النفعية التي فرضها النظام الرأسمالي العالمي. هذه الميزات سمحت بتوغل العامل الخارجي في المنطقة ولعب دور الانتكاسة لأي محاولة قدّ تحدث. بالإضافة إلى طبيعة القوى والنخب السياسية في المنطقة، التي تتميز بارتباطها وولائها للخارج عِوضاً عن ولائها الوطني. فلعبت دوراً هاماً في رسم ملامح ونتائج العملية الانتقالية في المنطقة العربية أيضاً، كما ساهمت القيمة الجيوستراتيجية للمنطقة العربية في استدعاء العامل الخارجي وجعلها منطقة نفوذ دولي، من خلال توفرها على موارد وثروات طاقوية هائلة فضلاً عن مكانتها الجغرافية، وأهميتها الحضارية والتاريخية، حيث سعت هذه القوى الدولية كما دائماً لحماية مصالحها المتمثلة أساساً في ضمان تدفق النفط وضمان حماية إسرائيل. وبالتالي فان دور العامل الخارجي يزداد أهمية في إعاقة الانتقال الديمقراطي، كلما زادت الأهمية الجيوستراتيجية للدولة المُستهدفة. وخلاصة القول، لقد لعبت العوامل الخارجية دوراً مهما في المسارات الانتقالية العربية والمتمثل في تأثير كل من القوى الإقليمية والدولية على العملية الانتقالية في المنطقة، من خلال تداخلاتها المستمرة المباشرة وغير المباشرة، حيث عملت القوى الإقليمية في المنطقة على صدّ المسارات الانتقالية ومواجهتها، والعمل على عرقلتها واعاقتها، بحجة تخوفها من امتداد حركة التغيير إليها. وبذريعة محاربة التطرف الإسلامي وتعزيز الاستقرار الإقليمي. أما القوى الدولية فكانت تسعى باستمرار لدعم واستقرار الأنظمة التسلطية من أجل استقرار المنطقة والحفاظ على مصالحها وأمنها القومي وزيادة نفوذها وتمددها.
Mots-clès:
Nos services universitaires et académiques
Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).
Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!