حركة النهضة و دورها في التحول الديمقراطي في تونس 2011 - 2014

Résumé: إن التجربة التي مرت بها حركة النهضة في تونس، بينت أنه لابد من مراجعة الأهداف والوسائل وأساليب التغيير، إنحركة النهضة لم تكن في الحقيقة في بداية نشاطها تهدف إلى الوصول إلى السلطة، ولاحتى في فترات القوة، بل كانت تريد الإصلاح، والدعوة، والتبليغ، والنصح، والبيان، والمشاركة الإجتماعية والثقافية والسياسية، بأسلوب سلمي اعتمادا على الإعلام والثقافة، كما أن تجربة حركة النهضة في تونس علمتنا أن وعــدم حسم الأمور بالزعامة المسبقة على ما ليس في المتناول يكلف التراجع وذهاب القوة المتمثلة في الأغلبية؛.. وإيجاد الحلول والتصورات والبدائل، وخلق وعي، ونشر الدعوة، والتدرج في الإنتشار، لتحقيق الإصلاح والتغيير المطلوبين. لأن هذه الأوقات والإمكانات والجهود إذا ما لم تستغل جيدا وميزها الإرتجال في اتخاذ القرارات، وانعدام القراءة الجيدة للواقع، كل هذا حتما يعجل بالوقوع في انتكاسات سياسية ليست صنيع من يرتجى منهم الريادة والقيادة. لقد عرفت حركة النهضة التونسية أن ما تحتاج إليه تونس هو تيار اعتدالي وسطي يرفض الغلو والانزلاق في التطرف الفكري أو السلوكي تيار يوفق بين التجذر في الواقع الإجتماعي والتمسك بالهوية العربية الإسلامية منفتحا على الحداثة ذو حلول واضحة للمسائل الإقتصاديةوالإجتماعية والسياسية، في تحقيق تطلعات من صوتوا لها في انتخابات المجلس التأسيسي وإلى أي مدى ستفي بتعهداتها في خضم المشهد السياسي التونسي الذي هو على المحك. لقد دخلتحركةالنهضة التونسية المعترك السياسي، يبتعد عن التشدد, ويميل إلى التوافق مع الإتجاه العام للمجتمع والدولة. بحيث لم تفرض على المجتمع التونسي منظومة قيم محددة، تتعارض مع ثقافة المجتمع، واقتصرت في العموم، إلى يومنا بالخصوص، بإخفاء نموذجها الديني، وجعله محركا للمواقف والأفعال، كما أن التجربة التونسية أدركت أن حسن فهم الواقع، وحسن تقدير الصعوبات والعوائق، يعينان على حسن ضبط الأهداف والمراحل، لأن الذي يحيط بطبيعة الميدان، لا بد أن يراعي التدرج المطلوب، ويستعين بالرفق ويبتعد عن المغالبة، دون أن يتنازل عن حقه في التعبير والحركة، أو يبالغ في مسؤوليته في الإصلاح.   إن الخطاب الفكري لحركة النهضة هو خطاب أصولي متطور: خطاب إسلامي يذهب نحو استيعابجملة من القيم والمبادئ المكونة للحداثة، وهذا بفضل تفاعله مع الواقع المحيط. لقد استخدمت حركــــــــــة النهضـــــــة التونسية أســـــــاليب تغييــــــــــرية مختلفة ومتنــــــــــاقضة أحيانا، واستطاعت تحقيق العديد من النجاحات التدريجية تمثلت بحصولها على مقاعد في البرلمان، وبذلك تكون قد حققت نجاحا تدريجيا في المجتمع التونسي وهو الأمر الذي مكنها من تصدر الساحة السياسية في تونس مابعد الثورة. وأخيرا نستطيع القول من خلال الدور الذي لعبته حركة النهضة في التحول الديمقراطي في تونس، أن أي استشراف لما سيؤول إليه المستقبل السياسي في تونس، لا يمكن أن يتجاهل الوضع الديني العام، الذي يشهد حركية متسارعة، والتي تعد مهيأة للتوظيف السياسي، إما من هذا الجناح أو ذاك، غير أنه لا يمكن التقليل من ثقل حركة النهضة السياسي، التي وإن تراجع حجمها، إلا أنها ومن دون شك أنها ستلاقى تحديات حقيقية، لكن ماتملكه الحركة من تجربة سياسية وكفاءات علمية وقاعدة شعبية، وانفتاح سياسي في المزج بين الدين والحداثة، يجعلها قادرة على الرجوع بقوة على المشهد السياسي التونسي.

Publié dans la revue: