نظرية النبوة بين الفارابي وابن رشد

Résumé: تعتبر النبوة ركيزة أساسية في الأديان السماوية، لأنها الأساس الذي به يُعرّف الله عباده بدينه وشريعته، ولا يتحقق الايمان بدون التصديق بها وبالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولقد حاول المشككون في الأديان الى ضرب والنيل من هذه الركيزة باعتبارها مصدر له، ومن بين هذه المحاولات ما قام به ابن الرواندي والرازي اللذين حاولا التشكيك في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، باستخدام الحجج والأسانيد العقلية. فسارع المتكلمون والفلاسفة المسلمون في الدفاع عنها حفاظا على عقيدتهم من ناحية، وتأكيدا لدورهم في التصدي للأفكار الهدامة من ناحية أخرى. وقد كان أول رد فعل فلسفي قائم على أسس عقلية يدحض فيها ركائز التيار الالحادي داخل المجتمع الإسلامي على يد أبي نصر الفارابي؛ اذ تصدى له وجابهه بقوة عقلية خالصة، من دون أن يعتمد على نصوص القرآن الكريم، أو الأحاديث النبوية الشريفة، فشيد نظرية قائمة على المزج بين الإسلام والمبادئ الأفلاطونية المحدثة، وكان لنظرية أرسطو في الأحلام دور كبير في بنائها. أما ابن رشد فقد حاول اثبات بعث الرسل والدفاع عنهم من خلال دحضه لآراء الأشاعرة وأدلتهم التي يراها غير كافية؛ بل غير صحيحة في اثبات ركن من اركان الاسلام والقائمة في نظره على مبدا السببية، مقدما في ذلك نوعين من المعجزات (البرانيوالجواني)وأن أعظم معجزة هي القرآن الكريم. ومن خلال تناولنا لنظرية النبوة عندهما، وقفنا على أهم أوجه التشابه والاختلاف؛فقد اتفقا على ضرورة التوفيق بين الدين والفلسفة، وأنهما يوصلان الى حقيقة واحدة، كما اتفقا على ضرورة التأويل والذي هو خاصية العلماء دون غيرهم. أما عن أوجه الاختلاف، فنجدهما ينطلقان من مبادئ متباينة لإثبات النبوة، ويختلفان في تحديدهما لمنزلة النبي والفيلسوف. وفي نهاية بحثنا اتضح لنا عمق وجدارة فكري الفارابي وبن رشد، فرغم تأثرهما الكبير بالفلسفة اليونانية عامة وفلسفة ارسطو خاصة، نجدهما يعتمدان طرقا خاصة في تفسيرهما للمسائل المختلفة كمسألة قدم العالم والنبوة وغيرهما، فيتفقان أحيانا ويختلفان في أخرى، وهذا ان دل انما يدل على أصالة تفكيرهما، فهما لم يكونا مقلدين للسابقين عنهما، بل مجددين وفي بعض الأحيان ناقدين. مما أعطاهما مكانة كبيرة في التفكير الفلسفي الإسلامي خاصة، والتفكير الإنساني عامة.

Publié dans la revue: