تلقي التجارب المسرحية المعاصرة في الجزائر

Résumé: ليس القصد من وراء ظهور نظرية أدبية أو فنية جديدة التغيير فقط، وإنما يملي ذلك الضرورة التاريخية، فظهورها يأتي استجابة لمجموعة أسئلة لم تستطع النظريات السابقة الإجابة عليها، أو أجابت عنها جزئيا. إن مصطلح التلقي هو مصطلح جديد ظهر في النصف الثاني من القرن العشرين على يد المدرسة الألمانية (كونستانس) بزعامة كل من (هانس روبرت ياوس) و(فولفغانغ أيزر) مرجحة الكفة للمتلقي باعتباره الغاية النهائية للإنتاج الأدبي والمحدد لمعناها شأنه شأن المتفرج أو المتلقي في المسرح، والذي لا يمكن أن يكون العرض المسرحي من دونه، فهو المحدد لمدى نجاح أو فشل العرض المسرحي الذي يزخر بزخم كبير من العلامات السمعية والبصرية والمعتمد أساسا على الآنية في تلقيه وفق أفق توقع المشاهد. إن المتلقي الجزائري في المسرح شأنه شأن باقي المتلقين في المسارح الأخرى يتميز بخصائص تأهله لأن يعطي للعرض المسرحي معنى ومغزى وفق أفقه الخاص، وهذا منذ ظهور المسرح بالجزائر كشكل من أشكال التعبير كالذي جاء على يد علالو من خلال مسرحية جحا في أوائل القرن العشرين، فلعب المسرح آنذاك دورا لا يستهان به في توعية الجماهير خصوصا أثناء فترة الاستعمار معتمدين في ذلك على الموروث الثقافي الشعبي الراسخ في الوعي الجماعي للمتلقي الجزائري وعلى الإديولوجية الرافضة للهيمنة والاستبداد بغرض شحذ همم الجزائري ودفعه إلى التحرر من نير الاستعمار. لقد كانت تجربتا عبد القادر علولة في توظيف التراث وكذا كاتب ياسين من خلال التزامه الاديولوجي خير تجربتين يمكن التركيز عليهما للغوص في خبايا تلقي الجمهور الجزائري والولوج إلى أفق توقعه من خلال ردود أفعاله تجاه العروض أو مجموعة المعاني التي يمكن أن ينتجها عبر مشاهداته للعروض المسرحية. لقد كانت رياح التغيير ذات أكتوبر 1988 منعطفا مهما زعزع المفاهيم الجمالية والإيديولوجية للمتلقي الجزائري خصوصا مع ظهور التعددية، وهذا ما أثر على الإنتاج المسرحي ودفعه إلى تغيير الخطاب الإيديولوجي والجمالي في العروض، فظهرت أفكار جديدة صاحبها تنوع في جماليات العرض، فجاء الفصل الثالث لبحثنا هذا حاملا لثلاث تجارب مسرحية معاصرة سنة 2012 من خلال تفريغ استمارات وزعت على عينة بلغت المائة مشاهد، وهذا بهدف التأكد من مدى ثبوتية التلقي عند الجمهور الجزائري قديما وحديثا.

Publié dans la revue: