الغش في بيع السّلع والتدليس في المواد الغذائية والطّبية

Résumé: استعرضنا من خلال هذه الدراسة الأضرار الصحية الناشئ عن السلع بوجه عام والمواد الغذائية والطبية بوجه خاص وهي مشكلة أصبحت ملحة بدرجة كبيرة، نظرا لأبعادها الخطيرة، ولاتصالها الوثيق بصحة المستهلك والأضرار المادية كذلك وكذا ما تتحمله الخزينة العامة من نفقات العلاج للسلع المغشوشة والفاسدة، وما تخلفه ظاهرة انتشار الأمراض الخطيرة الناشئة عن الأغذية من مآس. بالإضافة إلى انعكاساتها السلبية وعلى قطاع مهم من قطاعات الاقتصاد الوطني، وهو المتصل بإنتاج وتوزيع واستيراد السلع الغذائية والأدوية وقد رأينا أن المشرع قد تدخل في هذا الصدد بنصوص عقابية، وبنصوص منظمة لعمليات إنتاج وتداول السلع بصفة عامة والمواد الغذائية والطبية بصفة خاصة، ورغم أن النصوص الجنائية الخاصة بقمع الغش والتدليس وقد ساهمت ولا شك بدور مهم مثل قانون 89/02 المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك الملغى، ثم تدعمت هذه الحماية بالتعديل التشريعي الأخير وهو قانون 09/03 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش. وقد أدركت الكثير من التشريعات عدم كفاية الوسائل السابقة لحماية صحة المستهلك من جرائم الغش والخداع فالنصوص العقابية لا تتدخل إلا بعد فوات الأوان وقوع الكارثة، الأمر الذي حدا بالكثير من الدول إلى تشجيع المشاركة الشعبية في هذا المجال عن طريق تدعيم دور الجمعيات الهادفة إلى حماية المستهلك من الغش والخداع، حتى تستطيع أن تقوم بمهمتها المتمثلة في توفير حماية فعالة ومباشرة للمستهلكين من الخداع والغش في السلع بصفة عامة والمواد الغذائية والطبية بصفة خاصة. فالغرض من مجابهة الغش والتدليس يفرض توفير الوسائل الفعالة ببلوغها وهوما يتطلب التحرك في أكثر من اتجاه، وكذلك الاستجابة السريعة للأبحاث العلمية المتعلقة خاصة بإنتاج وحفظ وتوزيع السلع الغذائية والأدوية، ولا سيما فيما يتعلق بالمواد الملونة أو الحافظة أو مكسبات الطعم والمركبات الفعلية في الأدوية والتي كثيرا ما تظهر أبحاث تحذر من أخطارها وآثارها الجانبية، فلا بد إذن من تشريعات حاسمة تشدد من التزامات القائمين على الإنتاج ناقلي السلع وتغلظ من مسؤولياتهم في حالة الإخلال بأي من هذه الالتزامات ولا يمكن أن نهمل الدور الذي تلعبه المسؤولية المدنية في هذا الموضوع، حيث يمكنها وضع أساليب فعالة لمراقبة الجودة وقمع الغش، وتدعيم دور جمعيات حماية المستهلك وإعطائها الضوء الأخضر لتشارك بفعالية في حماية المستهلك، لما للنتائج المحققة في مجال الوقاية من الأضرار الصحية للأغذية أو المنتجات الدوائية بالغش والتدليس، فدورها مباشر وفعال، حيث ينعكس دورها حتى على المنتجين أنفسهم بعنايتهم وحرصهم والبحث عن الأفضل وكذلك إيجاد سياسة تشريعية متوازنة بين التجار والمستهلك فهما يشكلان جناحي الحياة الاقتصادية، خاصة في ظل سياسة اقتصاد السوق الذي تتبناه الدولة.

Publié dans la revue: