الصحافة الحزبية المكتوبة في الجزائر : دراسة تحليلية تاريخية

Résumé: لقد أدركت السلطات والحكومات منذ القرون الماضية أهمية الاتصال ووسائله ، مما دعا بعضها إلى سن قوانين أتاحت من خلالها مراقبة هذه الوسائل ونتاجها. بل أن بعض الحكومات تقبع وسائل الاتصال الجماهيري التابعة لها تحت إشرافها المباشر وتسمح لها بالعمل ضمن الحدود التي يرسمها القانون والخط الافتتاحي، فالحكومات الحديثة تعلم أنها بحاجة للاتصال مع أفراد شعوبها بسرعة ولأسباب متباينة لإحاطتهم وإبلاغهم ، أو لمعرفة ردود فعلهم على سياساتها أو تعبئتهم وحشدهم نحو هدف واحد وقضية واحدة ،إن الارتباط العضوي القوي بين الاتصال والسياسة وخاصة في الدول العربية على وجه الخصوص يجد بأن مشاركة الاتصال بشكل كبير في العمل السياسي، إذ أصبحت معه هذه العلاقة التي يصفها بعض الباحثين المشتغلين في حقل علوم الاتصال والإعلام بالالتصاقية أو التكاملية إذ أنها تمثل خاصة سلبية يتسم بها الإعلام العربي في كل الأحوال وإن كان ذلك يعزى لخطورة الوظيفة السياسية لوسائل الاتصال الجماهيري ، فضلا عما يشكله الاعلام من وسيلة في سبيل تحقيق أغراض صانعي القرار وهو الأمر الذي يعكس هوية الموقف الاتصالي والإعلامي مواقف النخبة الحاكمة وقراراتها. فالنخــــب الحاكمة تسعى جاهدة إلى إحكام سيطرتها على وسائل الاتصال وذلك بغية ضمان المساندة لتوجيهاتها حيث تتوقف درجة السيطرة رهنا وطبيعة المرحلة التي يمر بها المجتمع واتجاهات النخبة الحاكمة حيث تتمثل أساليب السيطرة طبيعة نمط الملكية، جانب التمويل والتحكم في مصادر وسائل الاعلام ومحتواها والتحكم في اختيار القائمين على وسائل الاتصال وتفضيل الأفراد محل الثقة على الكفاءات . وفي هذا الصدد يقول عزي عبد الرحمن:" أن الحرية هي مسؤولية أخلاقية واجتماعية، وأن الاتصال الفعال هو الذي يصدر من الابعاد الثقافية والحضارية التي ينتمي إليها المجتمع وأن يكون مؤسسا على مشاركة واعية من الجمهور وأن ينقل دائما القيم الثقافية والروحية التي تدفع الفرد والمجتمع إلى النمو" . كما " أن التأثير يكون إيجابيا إذا كانت محتويات وسائل الاعلام وثيقة الصلة بالقيم، وكلما كانت الوثائق أشد كان التأثير إيجابيا وبالمقابل يكون التأثير سلبيا إذا كانت محتويات وسائل الاعلام لا تتقيد بأي قيمة أو تتناقض مع القيمة وكلما كان الابتعاد أكبر كان التأثير السلبي أكثر" . ويضيف أن الرسالة أي الخطاب أهم من الوسيلة حيث يرى أن الرسالة هي القيمة أو الكفاءة القيمية لما تنقله من قيم ثقافية وروحية بما ينعكس إيجابا على المحيط المعنوي والفيزيائي للفرد على الصعيد المحلي والعالمي. و تعتبر الصحافة الحزبيـة نوع من الصحافة المكتوبة تختلف في مضمونـها عـن الأنـواع الأخـرى،فهـي صحافـة ذات بناء أيديولوجي خـــــاص يجعلها تحــــــمل التباين عــــــن غيرها مـــــن الصحــــــــف على أسـاس الأهداف والمرجع فهي ترجع في وصايتها إلى حزب سياسي معين، مـما يجعلها يطغى عليها الطابـــــــع التوجيهـي الإعلامــــــي السـياسي. لا يختـلف اثنـان عـن كـون الصحـافة سلطـة تمـارس التغيير والتأثير بأشكال متعـددة في حياة الناس, سـواء كانوا حكاما أو محكومين,لان هذه الأخيرة كانت مقصورة على فئة"النبلاء" دون أخرى "الطبقة العامة" في القرن17.وهي الفئة التي كان لهاالحظ في التعلم غـيرأن تطور الأحداث وبروز الأفكار الثوريـة التحررية الرافضـة للفكـر الملكـي الطبقي, للأقلية على حساب الأغلبية ومن هنا حملت الصحافة على عاتقها وظائف أكثر أهمية من تلك التي كانت تؤديهـا والقفـز بالمجتمع من وضعيـة اجتماعـية واقتصادية سيئـة إلى وضعيـة أكثـر تطـورا وانسجاما مـع تطـورات البشرية والمجتمع.

Publié dans la revue: