مصادر التمويل المحلي وإشكالية العجز في ميزانية البلدية

Résumé: تعتبر الجماعات المحلية بمثابة حجر الزاوية لتطبيق اللامركزية الإدارية ومشاركة المواطنين في تسيير شؤونهم المحلية، وهو مايستلزم توفير الإمكانيات اللازمة سواء كانت إدارية أو قانونية أو بشرية أو مالية، لتقوم هذه الجماعات بتقديم الخدمات الأساسية و الضرورية للمواطنين وإشباع حاجياتهم وتحسين ظروف حياتهم اليومية . ومن أجل ممارسة هاته المهام الواسعة والجوهرية، وفي إطار توفير الإمكانيات الضرورية لذلك وجب تمكين الجماعات المحلية من الإستقلال الإداري والمالي عن السلطة المركزية، أي حصولها على ذمة مالية مستقلة ومصادر تمويل خاصة بها متنوعة ومتعددة . إلا أنه وبتحليل هاته المصادر وتقييم مدى نجاعتها وفعاليتها، ومن خلال نظرة واقعية لها ن نجد أنها تتميز بضعف شديد وشبه دائم عن توفير الموارد المالية المنشودة التي أنشأت من أجلها. هذا الأمر الذي يظهر جليا وبالأرقام في تلك الوثيقة الإدارية المحاسبية أو جدول تقدير النفقات والإيرادات والمبنية على مبادئ عامة و إجراءات خاصة في الإعداد والتنفيذ والرقابة عليها والمتمثلة في ميزانية البلدية، من خلال تسجيل حالات العجز المالي بها . هذا العجز الذي يشكل صداعا في رؤوس القائمين على تسيير الشأن المحلي، وتحديا كبيرا للسلطات المركزية التي تحاول عبر سن التشريعات وإصدار القوانين ذات الصلة من أجل معالجة هاته الإشكالية . ومن خلال هاته الدراسة إتضح أن ضعف مصادر التمويل المحلي أو نقص الموارد المالية المحلية يرجع إلى ضعف النظام الجبائي المحلي وتبعيته للدولة التي تحدد الأوعية الخاضعة للضريبة وكذا معدلات الضرائب و تخصيصاتها وهو مايجعل الجماعات المحلية بما فيها البلدية تقف موقف المتفرج إزاء هذا الواقع . هذا الإختلال تطرحه أيضا تركيبة الموارد المالية للبلديات التي تتميز بالإهمال التام لموارد التسيير، إذ أن الموارد الجبائية تهيمن على موارد التسيير، ولو أنها تبقى هي الأخرى دون المستوى المطلوب، خاصة بالنسبة للبلديات الفقيرة التي لا تتوفر على قاعدة إقتصادية متينة مدرة للموارد . عجز ميزانية البلدية له مايفسره أيضا في التزايد المستمر لنفقاتها ، وهي الظاهرة التي تشهدها كل البلديات، الغنية منها الفقيرة، نظرا لتأثرالميزانية بعدة عوامل إقتصادية، إدارية ومالية، وأخرى متعلقة بمتطلبات التنمية . هذه الوضعية أدت بالبلديات إلى الإعتماد على التمويل الخارجي، باللجوء إلى مساعدات الدولة، خاصة فيما يتعلق بتمويل قسم التجهيز والإستثمار، وهي في الغالب مساعدات مرتبطة بقدر من الرقابة المركزية وهو الأمر الذي لا يتفق مع متطلبات الحكم المحلي بقدر ما يتفق مع متطلبات الإدارة المحلية . ولابد من الإقرار أن البلديات تعيش في حلقة مفرغة، حيث أن الإختلالات المسجلة في ميزانيتها لم تسمح لها بتحسين آدائها وطرق تسييرها، كما أن ضعف وتدني مستويات التسيير لم يمكنها من حل مشكلة عجز الميزانية . ولقد بات واضحا أن حل إشكالية العجز في ميزانية البلدية إنما يتطلب تظافر جهود كل من الدولة والجماعات المحلية، إذ أن الدولة مطالبة بالتكفل بإصلاح النظام الجبائي المحلي واعتماد قانون خاص بالجباية المحلية يوفر خيارات اكبر لتمويل الجماعات المحلية، ويسمح لها بتحقيق التنمية المحلية المنشودة، كما أن البلديات مطالبة ببذل مجهود أكبر في الإستغلال الأمثل لمواردها من جهة و الإلتزام بالصرامة و الرشاد في الإنفاق من جهة أخرى عن طريق إعتماد مبادئ الحكم الراشد في تسيير شؤونها المحلية .

Publié dans la revue: