مُقوّمات تدبّر القرآن الكريم ومُعوّقاته

Résumé: مما لا شكَّ فيه أنّ إنزال القرآن الكريم يُعَدُّ مِنَّة عظمى على هذه الأمّة المباركة، فكان المقصد الأسنى من إنزاله هو صلاح الأحوال الفرديّة والجماعيّة، وصلاح العمران والبناء، وإنّما يكون ذلك بالنّظر في آيات الله عزّ وجلّ في كتابه، والوقوف على مقاصدها القريبة والبعيدة تأمّلاً وتفكرّاً ليُعرَفَ ما يدبر ظاهرها من التأويلات الصحيحة والمعاني المستنبطة مصداقاً لقوله جلّ وعزّ: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29]، إلاّ أنّ النّاظر في واقع الأمّة الإسلامية يجد أنّ عامّة أفرادها قد هجروا تدبّر القرآن الكريم مما جعلها تتخبّط في مشاكل لا نهاية لها متقلّبةً ذات اليمين وذات الشمال بحثاً عن مخرج لهذه المآزق التي حلّت بها في شتى مناحي الحياة، وإيماناً منّا واعتقاداً أنّ القرآن الكريم هو المأوى الوحيد لحلّ مُعوِصاتِ الأمّة الإسلامية ومآزقها مصداقاً لقوله جلّ في علاه: ﴿ألر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [إبراهيم: 1]، فإنّ هذه الدّراسة قد هدفت لرسم العوامل الأساسية التي بها تقوم عمليّة تدبّر القرآن الكريم، وبذلك نستطيع أن نتعرّف على كثير من الشّواغل والصّوارف والمثبّطات التي تحول دون تحقيق عمليّة تدبّر القرآن الكريم، وقد كان المنهج الاستقرائي التحليلي أداتنا للبحث في مقوّمات تدبّر القرآن الكريم ومعوّقاته، وقد توصّل البحث إلى أربعة مقومّات أساسية، وهي: 1. حضور القلب مع كمال المعرفة 2. قدر من الفهم للآيات المتلوّة أو المسموعة 3. القراءة بترتيل 4. الاستماع بإنصات، وفي مقابل ذلك فقد توصّل البحث أيضاً إلى أربعة معوّقات رئيسة، وهي: 1. غياب القلب، 2. غياب الفهم، 3. غياب الترتيل، 4. غياب الاستماع بإنصات. وأوصت الدّراسة في نهاية المطاف بضرورة إحياء عملية تلاوة القرآن الكريم وتدبّره على مستوى الفرد والجماعة، وتفهّم معانيه مع التأثّر بها، والعمل على فعل أوامره، وترك نواهيه، والتنوّر بهداياته وإلهاماته، والدّعوة إلى تعاليمه على بصيرة، والجهاد به جهاداً كبيراً لا يخالطه فتور.

Publié dans la revue: مجلة الدراسات الإسلامية