محددات الأنا و الآخر في المتن الروائي الجزائري الجديد
2015
Thèse de Doctorat
Langue Et Littérature Arabe

Université Ahmed Ben Bella - Oran 1

ص
صوافي بوعلام

Résumé: تبدو الشخصية الجزائرية ذات خصوصيات متفردة في مقابل خصوصيات قومية أخرى، رغم الذي يجمعنا مع بعض هذه القوميات من اشتراك في اللغة و الدين و البيئة. و ليس ذلك نابعا من نظرة عنصرية تمييزية، بقدر ما هو نتاج معطيات تاريخية و جغرافية و سياسية و اجتماعية، فالترسبات التاريخية التي حدثت و عاشتها الذات الوطنية منذ القدم، عملت على تشكيل بنيتها السيكولوجية و العقلية وقف محددات خاصة، أهم ما يميزها المزاج المتصف بالتعقيد و الانفعال و الحذر من الآخر. و مرد ذلك إلى ما تعرضت إليه شخصيته من محاولة طمس و مسخ و تشويه على مراحل من قبل الآخر المهيمن بنظرته العنصرية و مركزيته حول ذاته، و التي يعمل من خلالها على إلغاء معالم الخصوصيات الثقافية و الاجتماعية و الحضارية للأنا. إلا أن قراءة تاريخية متأنية لرد فعل الذات الجزائرية - عبر الحقب المتوالية من تاريخها - على هذا التكالب، تجعلنا نجزم بثقافة الممانعة و المقاومة لديها، و هذا بعدم تقبلها لممارسات الآخر و رفض مخططاته بعنف و صلابة و شدة، و لم تكن بأي حال في يوم من الأيام على استعداد للرضوخ إلى هيمنته بكل ما تجسده من حقد و ثقافة استعلائية، فأصبحت مهووسة بهواجس الهوية. في ظل هذه الأفكار و الهواجس، اتجهت إلى الرواية بوصفها نشاط فني يعمل على رصد التـطور الـحاصل في المجـتـمع، و لكن بنـظرة فنـية تخيـيلية بعيدة عن نقل الواقع بحرفيته، فبدا لي أنها لم تتخلف عن رصد الحراك داخل المجتمع و العقلية المستحكمة فيه، إذ خصصت قراءتي للمتون السردية التي صدرت بين 1990 و 2010، فوجدت أن أعلبها لا يكاد يخلو من الأسئلة الباحثة عن كنه الهوية، هوية الأنا في مقابل هوية الآخر، و من تلك الأسئلة: أما الرواية الجزائرية، فبدأت متأخرة عن نظيرتها العربية، و هذا لأسباب موضوعية، حيث كان الأدب الجزائري ينزع نحو التسجيلية و التقريرية، و ذلك راجع إلى انشغال الذات بالعمل على تخليص البلاد من الآخر المحتل، فكان تركيزها على الأنسب من الأجناس الأدبية مثل الشعر و المقال و الخطبة. اشتغلت الرواية الجزائرية في عمومها على فضح هذا الآخر عن طريق تناول موضوعة الثورة، و كشف الآخر الفرنسي، خاصة في مرحلة ما قبل الانفتاح الديمقراطي الذي عرفته الجزائر غداة أحداث أكتوبر 1988م، إذ يبدو أن الاهتمام بالآخر العدو بدأت حدته تخف خاصة مع بروز الآخر المحلي في أدب الشباب، بفعل هول ما حدث من قتل و دمار، و لم يعد الماضي يثقل كاهلهم، لأن الآثار التي خلفها الاستعمار أخذت تتضاءل شيئا فشيئا، و بدأ الكتاب يتجهون صوبا نحو معالجة الواقع الجديد، و محاولة طرح أسئلة عنه، و لما لا محاولة إيجاد أجوبة لها. و من ضمن تلك المشاكل التي أخذت قسطا مهما من انشغال المتن الروائي الجزائري، موضوعة الهجرة نحو موطن الآخر، إذ اللافت للانتباه، هو نقل ساحة المواجهة مع الآخر إلى أرضه، بعد أن كانت أرض الأنا هي الساحة المفضلة لفضح هذا الآخر لاعتبارات تاريخية موضوعية تتعلق بالموقف من الاستعمار، فاتجهت اتجاها سياسيا بالدرجة الأولى. و بعد مدارستنا للرواية الجزائرية الجديدة المكتوبة باللغة العربية، و تتبّعنا لموضوعة الأنا / الآخر، و استقصائنا عن محدّدات العلاقة بين حدّيها، ها نحن نخلص إلى جملة من الملاحظات و النتائج و الأسئلة، قد نكون بابا يلج منه الباحثون للاستزادة في هذا الموضوع، و خلاصة يمكن أن نوجز تلك النتائج في مايلي من النقاط: 1. رسمت الرواية الجزائرية الجديدة عمق إشكالية الأنا / الآخر، و لئن كان التركيز قبل المرحلة التي ركّزنا عليها ينصبّ حول غطرسة الآخر في مقابل الأنا المضطهدة، فإنّ ما لاحظناه على المرحلة المدروسة هو عودة هذه العلاقة بين طرفي الثنائية إلى الندّية أو التواصل، بالإضافة إلى الصراع. 2. تمظهرت محدّدات العلاقة بين الأنا و الآخر في ثلاث صور: 3. رغم اشتغال الروائي على فكرة التواصل مع الآخر و مدّ الجسور نحوه من أجل إيجاد الأرضية المشتركة، إلاّ أنّ هذا الأخير لا زال مستحكما بمنطق التّفوق الحضاري، و لذلك تبقى الأنا بالنسبة إليه بصورتها المتخلّفة و الهمجية. و ما يبدر منه من محاولات تواصلية لم يتعد الأفراد و بعض المؤسسات غير الرسمية. 4. إثبات الذات تقتضي الحصول على اعتراف الآخر، ففكرة الصراع تقوم على الجانب الإنساني المتميز بالحرية و المسؤولية، و حرية الفكر و الاعتقاد، بعيدا عن الصدام الذي كان هو المسيطر على محددات العلاقة بين الأنا و الآخر في الماضي. 5. عندما تحاول الأنا الارتماء في أحضان الآخر و تنسلخ من هويتها، فإنّ وطأة الواقع و الذاكرة، تمنعان هذا الانسلاخ، بل إنّ الآخر يبدو في المرحلة الأولى متقبلا للأنا المستنسخة في الآخر، و لكن عند أوّل خطأ تقع فيه الأنا، فإنّ مواقف الآخر تعود إلى طبيعتها المبنية على الكره و الرفض. 6. أصبح من اللازم للأخر أن يعيد النّظر في مرتكزاته و منطلقاته التي يؤسس عليها مواقفه من الأنا، و العودة إلى الإنسانية بوصفها بوتقة جمع و تواصل، و ذلك تفاديا للإفراط و التّفريط، و كذلك الأمر بالنّسبة للأنا. 7. الانخراط في عملية التخييل بالنسبة إلى المبدع، تتيح له جوّا من الحرية الواسعة للتعبير عمّا يختلج نفسه من هواجس و آلام و آمال، و كشف المواقف سواء من الأنا أو من الآخر. و تبدو الصورة الطبيعية للأنا هي الانبهار بتفوّق الآخر في مقابل الإقرار بالتّخلف و الانحطاط، إلاّ أنّ بعض الأعمال الروائية ترفض هذه المثالية الزائدة، و لذلك فهي تفضل الانتقال إلى فضاء الآخر، لكشف وجهه الخفي الذي يتنافى و مبادئ الحضارة، الميّالة نحو قبول الآخر، و التسامح، كما أنّ انغلاق الأنا حول ذاتها، و تمركزها حول نفسها، و نزوعها نحو نرجسية دينية أو تاريخية، لا يساهم مطلقا في المثاقفة المثمرة و الحوار الحضاري البنّاء. 8. تلجأ الشخصيات الساردة في الرواية إلى الذاكرة بوصفها مرجعية أساس لتشكيل هوية الأنا في مقابل هوية الآخر، و هذا اللجوء يصبح ذا أثر سلبي، لأنّ الماضي مثقل بالأحزان و المآسي، و من ثمّ فإنّ الرجوع إلى الذاكرة هو نوع من الوفاء لهذا الماضي، على مستوى اللاشعور، لذلك فإنّ نزوعها نحو الانتقام و تصفية الحساب، يبرز أكثر من غيره. 9. يبدو أنّ الجنس الذكوري مازال مسيطرا على الروايات التي تتناول محدّدات العلاقة بين الأنا و الآخر، إذ من خلال كلّ الأعمال الروائية التي قاربناها، لاحظنا أنّ رواية واحدة كانت بطلتها أنثى، و لكنّها رغم تمرّدها على التقاليد الشرقية، إلاّ أنّها لاقت الضياع. 10. لعبت العلاقات الجنسية دورا مهما بين الأنا و الآخر، و قد اختلفت بين الانتقام من الآخر عن طريق أنثاه، و بين التّواصل الجسدي الذي يؤسس للتواصل بينهما، و بين استعلاء أنثى الآخر اعتمادا على عقدة الآخر اتّجاه الأنا المبنية على التّخلف و الهمجية و التّوحّش، و ما يقابل ذلك من تغطرس الآخر و تعاليه و تجبّره. رغم كلّ ذلك حاولت بعض النّصوص إعطاء الوجه الإنساني للأخر من خلال رسم محاولات التّواصل مع الأنا بعيدا عن رواسب التاريخ، و اعتداله في مواقفه، و اعتراف للآخر بالحق في الحرية و الوجود الآمن. 11. موضوعة التّطرف في الرواية الجزائرية يمكن النّظر إليها من جانبين: من الملاحظ أننا اعتمدنا على عينة من الروايات التي يظهر من موضوعاتها أنها اهتمت بثنائية الأنا و الآخر، و ذلك لمعرفة كيف تعامل الروائيون معها، و هنا يجدر بنا أن نذكر بأن تلك العينات المختارة لا تشمل كل ما صدر في أدبنا الروائي الجزائري إبان هذه الحقبة، فقد وجدنا مصاعب جمة في حصر كل الروايات التي صدرت في هذه الحقبة، إذ تطلب منا الأمر السفر عدة مرات في بعض الأحيان إلى مدن جزائرية خاصة مدينتي "سطيف" و "الجزائر العاصمة"، أو الاتصال الشخصي ببعض الروائيين. بعد مدارستنا للرواية الجزائرية الجديدة المكتوبة باللغة العربية، و تتبّعنا لموضوعة الأنا / الآخر، و استقصائنا عن محدّدات العلاقة بين حدّيها، ها نحن نخلص إلى جملة من الملاحظات و النتائج و الأسئلة، قد نكون بابا يلج منه الباحثون للاستزادة في هذا الموضوع.

Mots-clès:

Nos services universitaires et académiques

Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).

Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!

Comment ça marche?
Nouveau
Si le fichier est volumineux, l'affichage peut échouer. Vous pouvez obtenir le fichier directement en cliquant sur le bouton "Télécharger".


footer.description

Le Moteur de recherche des thèses, mémoires et rapports soutenus en Algérie

Doctorat - Magister - Master - Ingéniorat - Licence - PFE - Articles - Rapports


©2025 Thèses-Algérie - Tous Droits Réservés
Powered by Abysoft