الإشكالات القانونية الناتجة عن عمليات زرع و نقل الأعضاء
Résumé: لقد تبين لنا من خلال هذه الدراسة المستفيضة لمجمل الإشكاليات الشرعيـة و القانونية الناجمة عن عملية نقل و زراعة الأعضاء البشرية من الأحياء أو تلك التي تقوم على فكرة الاستئصال من جثث الموتى، حجم الصعوبات التي تثيرها هذه الممارسة، و التي تعد بداية انعكاس و ترجمة للتجديد الـذي تعرضـت لـه المبـادئ القانونـيـة و الأخلاقيـة و الدينية التي كانت سائدة في التنظيـم القانوني للحق في السلامة الجسدية، و هو الأمر الذي دفع أغلب التشريعات إلى نفي التوجه الذي ينادي بضرورة التخفيف من المبدأ لرأب الصدع و الهوة التي تفصل حتمية التطـور العلمــي فــي المجال الطبي و البيولوجي، و ما قد يتتبع من مساس بمكونات الجسم البشري، و بين حرمة هذا الأخير و ضرورة الحفاظ على كرامته التي تقتضي عدم جواز ابتذاله يجعل مكوناته من أعضاء بشرية بمثابة المادة الخام التي يمكن الاستعانة بها في الأبحاث العلمية و الصناعات البيوتكنولوجي. فإذا كان علم أخلاقيات العلوم الإحيائية، حاول كبح جمـاح مختـلف الممارسـات الطبية و العلمية على غرار عمليات نقل و زراعة الأعضــاء البشريـة، و التي أحدثتها الطفرة الهائلة في المجالات الطبية العلمية و التكنولوجية الحديثة، عن طريق وضع الإطار القانوني و الأخلاقي الذي يضبطها، و تفعيل الأثر المبيح للرضاء كأحد أهم ركائزها، فإن هذا الاتجاه لم يفلح حقيقتـه فـي رأب ذلـك الصـدع و الهوة بين جوهر هذه المبـادئ و مضمون عمليات نقل و زراعة الأعضاء البشرية مـن جهة، و بين مقتضيات الحماية الواقعية الواجب توفيرها للجسـم البشــري بكافـة عناصـره و مشتملاته من ناحية أخرى. و في مقابل ذلك، فإنه ليس من الملائـم تـرك مسألـة تنظيم عمليات نقل و زراعة الأعضاء البشرية رهنا للقواعد الأصوليـة و المبـادئ العامـة المستقـر عليها في القانون المدني و الجنائي، لأنه من شأن ذلك أن يزيد المسألة تعقيدا و يؤدي في الأخير لنتائـج عكسيـة و هو ما لاحظتاه من خلال قصور تلك المبـادئ و القوانـيـن و عجزها عن استيعاب العديد من أنماط السلوك الطبي و العلمي التجريبي و الصناعي التجاري الماس بأدق المكونات الجسمانية للهرمونات و الخلايا و الأمشاج و اللقائح الآدمية... و الواقع أن الحل الأمثل الذي يمكن من تدارك هذا الفراغ الكبير، الذي يفصل عمليات نقل و زراعة الأعضاء البشرية عن مقتضيات الحماية القانونية و الشرعية و الأخلاقية للأعضاء البشرية كمكونات للجسم البشري و ما ينجم عن هذه الممارسة من إشكاليات شرعية و قانونية، و هو أمل لن يتأتى في نظرنا إلا باعتماد بعـض الأسـس، و التوصيات التي نرى أنها أمر لا مناص منه لإعادة التوازن المفتقد بيـن هذه الممارسة و الحقائق الواقعية العملية: - لابد من الإسراع في وضع تشريع بيوأخلاقي مستقل عن قانون حمـايـة الصحة و ترقيتها يتضمن معالجة كافة الجوانب الأخلاقية و الشرعية و الفنية لعمليات نقل و المسؤولية الجزائية من جهة و ضمان عدم حياد هذه الممارسات عن أطرها المشروعة، وفقا للخصوصية الاجتماعية و الثقافية للمجتمع الجزائري. - تكثيف الجهود الوطنية و الأبحاث و الندوات على المستوى الإقليمي، خاصة فيما يتعلق ببرامج التنفيذ المختلفة، و تكوين لجان متخصصة في مختلف مجـالات نقل و زرع الأعضاء البشرية، تتولى تقديم الاستشارات الفنية و القانونية عن طريق إشراك المقتدرين على المساهمة في دعم برامج نقل و زراعة الأعضاء البشـرية و الحرص على إشراك جميع الفعاليات، من رجال الطب و القانون و الدين، وكافة الأطياف السياسية و حركات المجتمع المدني. - بذل الجهود اللازمة لتوعية الجهود و حثهم على المشاركة فـي دعـم برامـج التبـرع و الوصية بالأعضاء الآدمية، بتكثيف الحملات الإعلامية عن طريق وسائل الإعلام المختلفة بالاستعانة برجال الدين أشرفي نفوس الأمة. - كما أنه لابد من تفعيل دور الرضاء الحر المتبصر المستنير بالنسبـة للمتبرعين الأحياء و مثل هذا الحكم لابد من أن ينصرف إلى الأموات، إذ لابد من احترام ضعفهم و عدم تمكنهم من التعبير عن إرادتهم و رغباتهم، و لا يحق لأي كان السماح بانتهاك حرمة هذه الجثث، إلا إذا عبر المتوفى عن قبوله بذلك صراحـة و لا يجوز للورثة الإذن بالاستئصال من جثة مورثهم إذا لم يعبر عن ذلك في حياته أو قبل مماته، باعتبار أن الجثة لا تدخل في مشتملات و عناصر التركة إذ هي ليست مالا يقبل التصرف لذلك، ولتلافي أي شبهة قد تثور بمناسبة الاستئصال من جثث الموتى، نرى ضرورة اعتماد نظام بطاقة التبرع بالأعضاء و تعميمه أسوة بما هو متبع في نظام بطاقة التبرع بالدم. - كما ننادي بضرورة اعتماد المشرع الجزائري للمعيار الشرعي للوفاة حتى لا تهدف سوى تحقيق أغراض قد تفتح باب الشبهة و الريبة. - كما يجب على المشرع التدخل عن طريق توفير جميع الوسائل المادية و البشرية، المشرع الفرنسي. و أخيرا و في ظل قلة عدد المتبرعين بالأعضاء البشرية سواء من الأحياء أو من الجثث، ندعو المشرع الجزائري إلى اعتماد طرق الطب الوقائي كوسيلة بديلة كفيلة، بتقليل الطلب على الأعضاء البشرية، و ذلك بانتهاج أسلوب التوعية الصحية الموجهة نحو المحافظة على الصحة، و الوقاية من الأمراض و الحث على تعديل بعض أنماط السلوك الاجتماعي السلبية الناتجة عن تغير العادات الغذائية و الخمول و عدم ممارسة النشاطات الرياضية.
Mots-clès:
Nos services universitaires et académiques
Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).
Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!