التعبيرات اللّغوية عن الغضب في العربية: دراسة في الاستعارات التصوّرية

Résumé: تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على التعبيرات اللغوية المتعلقة بحالة "الغضب" في العربية الفصحى القديمة (ما قبل العصر الحديث). لقد سارت هذه الدراسة عبر خطين متلازمين، الأول: دراسة التعبيرات الكنائية المعتمِدة على مؤشرات الغضب الفسيولوجية والجسمية التي تظهر على الأعضاء الخارجية للجسم كاحمرار الوجه بما في ذلك العينين، والجبهة والوجنتين، وانتفاخ الأنف والشفتين، وانتفاخ الصدر، وكذلك التعبيرات المعتمدة على الشعور الداخلي بالحرارة وضغط الدم، وزيادة ضربات القلب، أو بالاعتماد على معلومات الطب الشعبي، والمعارف الفلكلورية المتعلقة بحالتي الكبد والمرارة أثناء الغضب، والمحور الثاني من هذا البحث معني بدراسة الاستعارات التصورية التي كانت وراء توليد عدد كبير من التعبيرات اللغوية والمفردات المعجمية التي تعبر عن الغضب. وقد أظهرت الدراسة أن الأعراض الفسيولوجية، التي تظهر على أعضاء البدن جراء حالة الغضب، كارتفاع حرارة الجسم، والعرق، والتنفس الشديد، قد لعبت دورا مهما في تسهيل تكوين الاستعارات التصورية: "الغضب نار"، و"الغضب حرارة"، "الغضب سائل يغلي"، و"الغضب سائل يملأ إناء، وتُعد هذه من الاستعارات التصورية الأكثر شيوعا للغضب في كثير من اللغات، وهناك أيضا عدد من الاستعارات الأقل شيوعا، مثل: "الغضب داء"، "الغضب حيوان خطير"، "الغضب ظاهرة طبيعية"، ومن أهم النتائج التي وصلت إليها هذه الدراسة هي أن العربية برغم مشاركتها لكثير من لغات العالم في التعبير عن الغضب بالاستعارات التصورية المذكورة آنفا، إلا أنها، من ناحية أخرى، لها استعاراتها التصورية الخاصة، مثل "الغضب اشتداد حبل أو وتر"، و"الغضب مخلوق غيبي أو خرافي"، التي تكاد تكون مقصورة عليها؛ لأنها ناتجة عن عوامل بيئية وثقافية معينة. وقد وجدت هذه الدراسة أنّ بعض الاستعارات التصورية الشائعة في عربية اليوم لم تكن موجودة في نصوص العربية الفصحى القديمة، كـاستعارة "الغضب انفجار". التفسير الأكثر احتمالا هو أن هذا الغياب ربما يعود إلى عدم وجود صورة مادية ملائمة قادرة على توليد مثل هذه الاستعارة التصورية في ذلك العصر؛ فالمتفجرات، كالقنابل والديناميت هي نتاج العصور الحديثة.

Publié dans la revue: الصوتيات