سياق الحال في الفعل الكلامي –مقاربة تداولية-

Résumé: يعالج هذا البحث سياق الحال في رحاب نظرية الأفعال الكلامية، والذي عُدَّ الأساس الذي تتمظهر من خلاله مختلف أشكال القوى الإنجازية في التفاعل الكلامي. وهو يقوم على إشكالية مركزية وهي: كيف يؤطِّر سياق الحال الفعل الكلامي سواء في إنتاجه أو تأويله أو إنجازيته؟ ثم كيف نفيد من الطروحات التي قدّمها علماؤنا في ذلك؟وقد اقتضت منا معالجة هذا الموضوع الانطلاق من مفهوم "سياق الحال Contexte de situation"، فضبطنا مفهومه ومكوِّناته وملابساته وخصائصه، مع طرح طبيعته وأهميته في تأطير الكلام انطلاقا من التراث العربي مع النحويين واللغويين والبلاغيين والمفسرين وعلماء الأصول، ووصولا إلى الدراسات اللسانية المعاصرة، وبالخصوص في الحقل التداولي.وبعد ذلك انتقلنا إلى نظرية الأفعال الكلامية حيث لاحظنا في رحابها أنَّ ربط اللغة بالاستعمال هو الذي جعل رواد هذه النظرية يلتفتون ويركِّزون على "سياق الحال" في تحقيق الفعل الإنجازي للفعل الكلامي المعين، ولذلك أبرزنا قيمته في ذلك انطلاقا مما قدَّمه "أوستين Austin" الذي بسط مفاهيم دقيقة حول "الفعل الكلامي" وشروطه وأصنافه. وعزَّزنا ذلك بتقديم آراء "فوندرليش Wunderlich" و"فان دايك Van dijk" و"أوركيوني Orecchioni" و"ريكاناتي Récanati"، مع محاولة تقديم بعض الملاحظات في رحاب الآراء التراثية وحتى العربية المعاصرة التي تخدم هذا المجال.وقد بيّنا أنّ كل فعل كلامي هو في جوهره فعل تداولي محدّد بعلاقة تفاعلية تتم بين ركني العملية التخاطبية، وهي مرهونة بأسس مرتبطة باستعماليه اللغة وتعدديتها وانسجامها من جهة، وبالدينامية والتضمين والاقتضاء من جهة أخرى. ولذلك حاولنا أن نبرز أهمية قوانين التخاطب في تحقيق القوة المتضمنة في القول. ثم إنّ تحقيق الفعل الإنجازي مرتبط بالتأويل، وهذا الفعل يقتضي كفاءة تداولية لدى المتكلم والمتلقي أيضا باعتبار أنّ أصناف القوى المتضمنة في القول تتنوع فقد تكون مباشرة وقد تكون غير مباشرة مما يقتضي تفعيل قوى الاستدلال المتعددة المعطيات؛ فقد تكون لغوية أو غير لغوية.

Publié dans la revue: