الجرائم الواقعةعلى الشيك

Résumé: نظرا لأهمية دراسة الجرائم الواقعة على الشيك فإن المشرع الجزائري قد كرس منظومة قانونية واجرائية من أجل حماية الشيك كورقة تجارية على غرار باقي الأوراق التجارية الأخرى، كما منح له إجراءات خاصة باعتباره اداة وفاء مستحقة الاداء لدى الاطلاع، فتفشي ظاهرة اصدار الشيكات بدون رصيد جعل المشرع الجزائري يتدخل بهدف الوقاية منها، فاستحدث عدة قوانين وأنظمة تتضمن ترتيبات وإجراءات وقائية وردعية من شأنها وضع حد للإخلال الناتج عن الجريمة او جبر الضرر المترتب عليها. ومن خلال دراستنا لموضوع البحث فإنه يتبين لنا أن القانون التجاري قد نظم أحكام الشيك أما قانون العقوبات فقد حدد الجرائم المتعلقة به والمتمثلة في: الجرائم المتعلقة بالرصيد ونقصد بها (جريمة إصدار شيك بدون رصيد أو برصيد غير كاف، جريمة القبول أو التظهير لشيك بدون رصيد، وجريمة سحب الرصيد بعد إصدار الشيك) وكذلك الجرائم المتعلقة بتغيير حقيقة الشيك ونقصد بها (جريمة إصدار أو قبول أو تظهير الشيك كضمان، وجريمة تقليد وتزوير الشيك، وجريمة قبول شيك مزور أو مقلد وإستعماله مع العلم بذلك). كما تبين لنا أن جرائم الشيك لها وصف الجنحة وتختص بها محكمة الجنح، وأن إصدار الشيك بدون رصيد من الجرائم الشكلية التي لا يعتد فيها بالركن المعنوي فهو مفترض، مما يتبين أن القضاء كان قاسيا عند تطبيق أحكام المادة 374 من قانون العقوبات في الواقع العملي، حيث أنه كان يستنتج عنصر العمد من إهمال الساحب وعدم إتخاذه الحيطة والحذر من وجود الرصيد في حسابه عند إصداره للشيك. ولأجل هذا جاءت الإصلاحات الجديدة لكبح قسوة المادة 374 ق ع عن طريق إدخالها لتعديلات كبيرة في الشكل والموضوع وذلك بإلزام المسحوب عليه أن يقوم بعدة إجراءات أولية تعلم الساحب بوجوب تسوية وضيعته قبل إتخاذ أي إجراء ومتابعة ضده. كما تتميز جريمة إصدار شيك بدون رصيد عن غيرها من الجرائم الأخرى في كونها ذات صبغة خاصة حيث أنه لا يمكن تحريك الدعوى العمومية بها إلا بعد المرور بالإجراءات المصرفية الأولية وهي إجراءات تقوم بها جهات مختصة متمثلة في البنوك والمؤسسات المالية المؤهلة، فهذه الإجراءات تصب في صالح مصدر الشيك كما منحت له أيضا فرصة تدارك فعله المجرم وعدم الوصول للقضاء مباشرة، كما أن المشرع قد منح للمستفيد من الشيك إمكانية الحصول على حقوقه بطرق أكثر فعالية وسرعة، ومن هنا يتبين أنه من تمت متابعته قضائيا بهذه الجريمة فقط من كان فعلا سيء النية. كما أنه لا يعتد بضآلة أو تفاهة النقص في الرصيد إلا في توقيع الغرامة. والنقطة الأهم أن الشيك هو أداة وفاء وليس أداة ضمان وعليه الشيك الموقع على بياض يعد من قبيل الشيك الضامن. وفي النهاية ومن خلال ما تقدم يتضح لنا مدى أهمية الشيك في التعاملات التجارية والإقتصادية ومدى إهمام المشرع وحرصه في متابعة كل من يقدم على إرتكاب أي صورة من جرائم الشيك وذلك حفاظا من المشرع على الثقة والمكانة التي أرادها للشيك تحقيقا لغايته التي وضع من أجلها، فالمشرع من خلال الإجراءات المستحدثة التي قام بها أراد أن يحقق مصلحة الجميع نظرا لكون فائدة المستفيد لا تتمثل في إنزال العقوبة على مرتكب الجريمة بقدر ما يهمه تحصيل قيمة الشيك وعدم تأثر مصالحه المالية خلال الأجل المحدد للتسوية، وكذلك المجتمع أيضا لا يهمه إنزال العقاب على مرتكب الجريمة بقدر ما يهمه تحقيق المصلحة العامة المتمثلة في تبسيط إجراءات التعامل بالشيك وجعلتها أكثر سهولة ومرونة مما يحقق السرعة في المعاملات المالية والتجارية وكذا تخفيف عدد الملفات والقضايا وإزالة عبئ كبير على القضاء. وانطلاقا مما سبق من استنتاجات يمكن أن نقترح بعض الاقتراحات التي تدور حول موضوع دراستنا، فمن أجل أن يتحقق الغرض الذي أنشئ لأجله الشيك لابد على المشرع أن يسعى لإزالة عدم التناسق بين النصوص التجارية ونصوص قانون العقوبات، إضافة إلى تصحيح الأخطاء الواردة في الإحالة إلى أحكام قانون العقوبات. وعلى المشرع الجزائري كذلك أن يساير التطور التكنولوجي الحاصل وذلك بسن نصوص قانونية تخص الشيكات الإلكترونية عن طريق تجريم فعل تزوير الشيكات الإلكترونية. وأخيرا نرجوا أن نكون قد وفقنا بهذا الجهد المتواضع وأن يحقق بحثنا هذا المنفعة والفائدة العلمية والقانونية لأصحاب الإختصاص ولمن يبتغي المعرفة.

Publié dans la revue: