الجماعات المحلية في دستور 2020

Résumé: وفي صفوة القول الخاصة بخاتمة هذا البحث، سأحاول باختصار عرض حوصلة لهذه الدراسة متبوعة بالاستنتاجات العلمية والمنهجية التي توصلت إليها مع عرض بعض الاقتراحات المتواضعة لترقية مفهوم الجماعات المحلية في الجزائر. ففي الفصل الأول قمت بتحديد بعض المفاهيم والمميزات وكذا مقومات نظام الجماعات المحلية، مع التطرق لمكانة هذه الجماعات في النصوص الرسمية للدولة الجزائرية قبل سنة 2020، ولعل أهمها الوثائق الدستورية وقانوني البلدية والولاية عبر مختلف المحطات الزمنية التي عرفتها الجزائر، وقد توصلت في هذا الفصل إلى نتيجة مفادها أن المشرع الجزائري أولى أهمية كبيرة لإدارة الجماعات المحلية ولكن كل ذلك كان ضمن إطار سياسي لم يشجع تطور هذه الإدارة كما كان الحال قبل سنة 1989، خلال نظام الأحادية السياسية التي عانت منها الجماعات المحلية بعد تسييس الكثير من وظائفها وحتى طريقة تكوينها، أما بعد ذلك وإن تغير الوضع في ظل التعددية السياسية، فإن هذه الجماعات لم ترقى إلى المنزلة الكبيرة المنوطة بها كما هو الحال في مختلف الدول وخاصة في مجال الصلاحيات الممنوحة لمنتخبي الجماعات المحلية. وفي الفصل الثاني، حاولت استعراض وتحليل موقع الجماعات المحلية على ضوء دستور 2020، حيث تبين لي أن المشرع قد أولى أهمية أكثر جدية من الدساتير السابقة وخاصة من خلال: - التأكيد على أولوية اللامركزية الإدارية. - تشجيع مبدأ الديمقراطية التشاركية خاصة من خلال مشاركة المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني في التسيير العمومي المحلي. - التأكيد على مبدأي الانتخاب والترشح لتولي الوظائف المحلية مع حماية مبدأ الترشح من سطوة المال السياسي أو المال الفاسد بتغيير نمط أو طريقة الانتخاب. - إعطاء المرأة مكانة اكثر أهمية في العملية الانتخابية من خلال مبدأ المناصفة في الترشيح. - إمكانية وضع تدابير خاصة بالبلديات الفقيرة بغرض نميتها أكثر، حيث يطلب من المشرع إرفاق ذلك بالنصوص القانونية والتنظيمية لتحقيق هذا الهدف. وحتى لا تكون هذه الخاتمة مثلها مثل خلاصات الفصول السابقة، فإنني فضلت الوقوف على التوصيات التالية: 1- إن المكانة الكبيرة والاهمية البالغة التي تنفرد بها الجماعات المحلية وخاصة في تحقيق التنمية المحلية، وباعتبارها مجالا للممارسة الديمقراطية كما جاء في النص الدستوري، يجعل من الضروري إرفاق ذلك بنصوص قانونية وتنظيمية أخرى، ومنها تعديل قانون البلدية بما يتوافق مع هذا الاتجاه الجديد الذي أقره دستور 2020. 2- إن نجاح عمل الجماعات المحلية يبقى حبرا على ورق في غياب الدعم الحقيقي للصلاحيات الممنوحة لمنتخبي الجماعات المحلية وخاصة فيما يتعلق بتخفيف الرقابة الوصائية المفروضة على رؤساء المجالس المحلية. 3- هناك الكثير من التجارب العالمية في نظام الجماعات المحلية التي من المستحسن الاقتداء بأهم نتائجها الايجابية ضمن الإطار البيئي والحضاري للمجتمع الجزائري. وفي الأخير ومن خلال ما سبق نكون قد أجبنا ضمنيا على الاشكالية الخاصة بهذا البحث بعد أن اختبرنا الفرضيات المطروحة للدراسة بالقول أنه كانت هناك نقائص كبيرة في الكيفية التي عالجت فيها الوثائق الرسمية موضوع الجماعات المحلية قبل سنة 2020، إلا أن الدستور الأخير حاول سد تلك النقائص والثغرات لكنها تبقى غير كافية إلا بعد تأكيدها وتجسيدها من خلال النصوص القانونية والتنظيمية القادمة والمطبقة لما جاء في الدستور من مواد أكثر إيجابية للجماعات المحلية.  

Publié dans la revue: