: الشعرية من المنظور النقدي الحديث - بين التجاور والتحاور
Résumé: ملخص: تتواتر البحوث والدراسات النقدية للبحث عن الهوية الجمالية في النصوص الأدبية ومن أبرزها الشعرية إن من منظور غربي أو عربي تنظيرا أو تطبيقا. والإلمام بفكرة متكاملة عن موضوع الشعرية من الصعوبة بمكان؛ إذ تتسم بالدينامية والزئبقية خاصة في ضوء الأزمة المصطلحية والمفاهيمية، وتعدد النظريات والمنطلقات المعرفية، فالشعرية لم ترس على برّ من العصر اليوناني حتى العصر الحديث، فهي مصطلح قديم حديث؛ ضارب في القدم بجذوره الممتدة من كتاب "فن الشعر" لأرسطو وحديث لتطوره مع شتى الحركات الأدبية والنقدية المعاصرة. وتهدف هذه الدراسة إلى تفكيك تجاذبات الأبحاث والدراسات النقدية الحديثة على مستوى التنظير والتطبيق؛ بحثا في المفاهيم والمصطلحات، وقراءة في الرؤى والتوجهات من منظور غربي وعربي ومدى التوافق والتفارق، التجاور والتحاور عند أبرز نقاد/باحثي الشعرية من خلال أعمالهم النقدية (ياكبسون، تودوروف وجون كوهين) و(عبد الله الغذامي، أدونيس وكمال أبو ديب) عند كل ثقافة على حدى من جهة وبين الثقافتين من جهة أخرى، ومدى إسهام وإحاطة هذه الدراسات النقدية العربية بقضايا الشعرية. توطئــــــــة: يعد النص الأدبي من أبرز ما أبدع فيه الكُتاب، وقد حظي باهتمام بالغ، ومرد هذا لما يثيره من إحساس جمالي وتناغم روحي وصحو فكري... علاوة على كونه خلاصة لمعارف وخبرات وتجارب سابقة، واستشراف وتنبؤ لما هو آتٍ، إذ الثقافة فيه لا تغدو أن تكون مجرد تراكم ذهني، بل تتعداه إلى رؤيا تتسربل بها الحياة بأسرها؛ «والرؤيا، بطبيعتها، قفزة خارج المفهومات السائدة؛ هي إذن تغير في نظام الأشياء، وفي نظام النظر إليها« فقوامها، تهديم الثابت وتغيير للنظام. وقد غدا من أكبر ما يشغل الكاتب والمتلقي والناقد على حدّ سواء، فهو روضة القراء ومنهلهم، ومنجم ينهال عليه النقاد والباحثين بمعاولهم. فأنتج هذا من الدراسات ما لا يمكن حصره، ولعل من أبرزها الشعرية. بوصفها مجالا نقديا ينظر للمكونات الفنية والجمالية للعمل الأدبي؛ وبالتالي يجب أن تنطلق كل دراسة في هذا المجال من تحديد المفهوم و/أو المفاهيم التي ولدتها الأبحاث والدراسات النظرية حول الشعرية الأدبية، ومن ثم تحديد الآليات والأدوات الإجرائية التي تساعد الباحث، بخاصة المبتدئ، على مقاربة النّصوص الأدبية، وتحليلها وفق خطوات منهجية واضحة. وهذا يقود للتساؤل: ما الشعرية ؟. حين نطرح هذا السؤال نرغم على تجاوز حدود البصر وندخل في لعبة إدراك ما لا نقوى على إدراكه بفكرنا، فنتيه في المستحيل. كيف لا والأدب في حد ذاته متعال عن التعريف، فهو حجر مغناطيس بامتياز يجذب وينفر، وفي كلا الحالين يسحرنا ويأسرنا، وإذا ما حاولنا إمساك ذلك الطائر الخرافي -الذي هو الشعرية- القابع فيه عجزنا عن ذلك، فهو يغرينا ويراودنا وما إن نطارده حتى يتمنع وينفلت، ولكنه بالتأكيد موجود في مكان ما هناك في النص، ولكن في أي منطقة هو؟ أفي اللّغة أم في الصورة، في الموسيقى، أم في الفكرة؟ وبعبارة أدق: هل الشعرية نتاج تواشج كل ما يرسم خارطة النص؟ لعل محاولة تقصي مفهوم الشعرية فيه من التشويق بقدر ما فيه من الصعوبة، فهو موضوع شائك يتعذر فيه الإلمام بفكرة متكاملة تجمع أطرافه وتقدمه في إطار واضح، إذ لم ترس على برّ من العصر اليوناني حتى العصر الحديث؛ فالشِّعـرية مصطلح قديم حديث، ضارب في القدم بجذوره الممتدة من كتاب " فن الشعر" لـأرسطو حينما تحدث فيه عن المحاكاة، وحديث لتطوره مع شتى الحركات النقدية الحديثة بما فيها الشكلانية والبنيوية... لقد عرفت الشٍّعرية انتشارا واسعا في الحركات النقدية الحديثة وإن عانت ولا زالت من أزمة المصطلح وكذلك المفهوم، فهي غير مستقرة على مفهوم محدد، ومن ثم فالمفهوم يتنوع بتنوع المصطلح، وإن انحصر في بوتقة واحدة هي البحث عن الخصائص الجمالية والفنية والإبداعية التي تصنع فرادة النّص الأدبي. وهذا ما ذهب إليه حسن ناظم حين قولب مفاهيم الشعرية المتعددة في فكرة أساسية وجوهرية؛ وهي أن قوام الشعرية « قوانين الخطاب الأدبي« وأن هذا المفهوم هو «المفهوم المستكشف من أرسطو وحتى الوقت الحاضر« . ومرد هذا التنوع اختلاف المرجعيات الثقافية والفكرية، فللزمن والمكان دور كبير في إكساء الشعرية حلتها المراوغة والمستعصية على الإمساك، وإن كان ذلك؛ أي الإمساك بها، فإنه لا يتأتى إلا من خلال فترة زمنية محددة، أو مدرسة أدبية معينة، أو ناقد ما. كما أن « غنى مصطلح الشعرية نفسه يعد واحدا من بين أسباب استعصاء تحديد مفهومها، فبقدر ما هو غني بتاريخه الطويل، حيث يكتسب هذا المصطلح في كل حقبة تاريخية مفهوما جديدا تبعا للتدرج الشعري، فهو غني أيضا بأنساقه الجمالية التي تتطور باستمرار على صعيد الممارسة الإبداعية من جهة، وبمفاهيمه الإجرائية الواصفة لكيفية تشكل تلك الأنساق وتفاعلها لحظة الإنجاز النصّي، وأثرها في المتلقي لحظة التأويل السياقي للنّص على صعيد النظرية النقدية من جهة أخرى« فالشِّعرية بهذا تتمحور في استقصاء القوانين التي تمكن المبدع من التحكم في إنتاج نصه، وإبراز هويته الجمالية وأيضا وسمه بالفرادة الأدبية، وكذلك تأثيره في المتلقي، على الرغم من هذا تبقى الشِّعرية عالما متموجا ومتغيرا؛ فمن الصعوبة بمكان ضبطها بتعريف محدّد. وإذا كان الخلاف عند الغربيين قائم حول موضوع الشعرية فإنه عند العرب شمل حتى المفهوم والمصطلح، بخاصة في ضوء اجترار مصطلحات عديدة لها، فما المفهوم الغربي للشعرية؟ وما مشكلة العرب مع الشِّعرية كمصطلح؟ ومفهوم ؟.
Mots-clès:
Nos services universitaires et académiques
Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).
Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!


