صورة العنف في السينما الجزائرية(1990 2007) دراسة تيمية

Résumé: لقد أصبح العالم اليوم قرية واحدة طغت عليها مفاهيم عصرية كالتكنولوجيا الحديثة والرقمنة المعاصرة ،التي غذت فن السينما الذي يقوم على سحر الصورة القائمة على التشويق والدهشة والإيحاء، من خلال اللجوء إلى أكثر الموضوعات إبهارا لشد انتباه الجمهور ، فقد أثبتت أحدث الدراسات أن أكثر الأعمال السينمائية و التلفزيونية نجاحا هي ما كان عامل العنف فيها موجودا وجودا فاعلا و ليس حدثا عارضا تبدأ به الحكاية و تنتهي على آثاره. وقد عكفت عبر فصول هذه الأطروحة على الحديث عن صور العنف بكل أشكاله ،فهو ملتصق بطبيعة الإنسان التصاقا، بحيث قدم من خلاله المخرجون السينمائيون أفلاما عنيفة وسارعوا لإرضاء رغبات المتلقين وتحقيق أعلى الإيرادات ،وهو ما يجعلنا نتساءل عن طبيعة العنف المقدم فنيا و كيف تعامل المخرجون السينمائيون في العالم و في الجزائر إزاء هذه الظاهرة التي أصبحت مضمونا يعبّر عنه فنيا. وتنضيدا لكل هذا وسمت أطروحتي بـ: "صورة العنف في السينما الجزائرية 1990- 2007 دراسة تيمية "، لتعكس إشكالية البحث الذي حاول اكتشاف الكيفية التي صور بها العنف في السينما العالمية عموما والسينما الجزائرية على وجه الخصوص في فترة التسعينات والألفية الجديدة التي أفرزت تغييرات في الخارطة الاجتماعية والسياسية في الجزائر. وللإجابة على جملة من التساؤلات أهمها: - ماهية العنف ومفهومه وما مدى شرعيته دينيا؟ - ما هي علاقة هذه الظاهرة بالسينما العالمية عامة وبالسينما الجزائرية خاصة ؟ - هل يمكن وضع تصنيفات للعنف حسب المضامين ؟ - هل يمكن وصف السينما الجزائرية بالعنيفة مقارنة بمثيلاتها؟ وتحقيقا لهذا الغرض، قسمت البحث إلى مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة، تناولت في الباب الأول، دراسة أشكال العنف وتفسيراته من خلال تبيان مفهوم العنف وتعريفاته في قواميس شتى ، ومعنى العنف المشروع بالمنظور الديني ،و موقف الشريعة من الجريمة، بالإضافة إلى شرعية العنف في ردع الجريمة والدفاع عن الدين، بالإضافة إلى طبيعة العنف المشروع المتجلي في الجريمة بالمنظور القانوني وشرعية الدفاع عن النفس في القانون الداخلي و الدولي على حد سواء.معرجين على العنف الإجرامي عبر التاريخ من خلال ميول البشر نحو النزعة التدميرية ، وكيف كانت أساليب تعذيب الأسرى عبر التاريخ ، وتفسير هذا العنف من منطلق النظرية النفسية والاجتماعية انطلاقا من تصنيفاتهما لشتى أنواع العنف الإجرامي. استعرضت في الباب الثاني أشكال التعبير السينمائي عن العنف من خلال ترجمة أشكال العنف والرعب في السينما التعبيرية وتأثر الفن السينمائي بالموجة التعبيرية، تجلى ذلك في أشهر الأفلام التعبيرية الألمانية و الدراما النفسية السوداء عند ألفريد هيتشكوك الذي طور وعمل على خلق مفهوم فريد لأفلام الرعب.كما تحدثنا عن الإثارة التي تبيح العنف المشروع واللامشروع في السينما من خلال نشأة العنف اللامشروع في أحضان الكوليزيوم ، ضرورة توفر شروط معينة لتحقيق عنصر الإثارة الفنية كالمغامرة والمطاردة والرعب ،ثم الحديث عن العنف كأحد مميزات الفيلم التاريخي بقيادة المخرجين :غريفث وايزنشتاين. وفي الباب الثالث والأخير، وقفت عند تجليات العنف المشروع والعنف اللامشروع في السينما الجزائرية من خلال سينما المقاومة بعد الاستقلال، بالإضافة إلى تصوير أشكال المقاومة في الفيلم الثوري الجزائري ، ثم تصوير العنف المتجلي في الإرهاب والتطرف الديني وخلصت ختاما إلى الحديث رؤيتي التي تجلت واضحة في جملة الأفلام المدروسة في هذا البحث، والتي عبرت عن بشاعة عنف الإرهاب والتطرف الديني اللامشروع الذي شكل مادة دسمة نهل منها كبار المخرجين الجزائريين الذين عبروا من خلال أفلام الإرهاب عن نظرتهم وإيديولوجيتهم و رفضهم للتطرف الأعمى الذي كاد أن يعصف بالجزائر في فترة العشرية السوداء . كما عبروا كذلك عن رفضهم الفني للعنف الاجتماعي كالعنف ضد المرأة والأطفال وعنف الملاعب، فقد تعددت أساليب الرفض في الفيلم الجزائري الذي صور المعاناة وشرح هذه الظاهرة فنيا ،غير أن كل ما قدم من مضامين جاءت مستنكرة لأشكال العنف وهمجيته، وسجلت بذلك تواجدها ضمن خانة الأفلام الجزائرية النابذة للعنف بجميع صيغه.

Publié dans la revue: