الفساد الإداري والوظائف العليا

Résumé: الفساد الإداري ظاهرة سلبية عظيمة تنهش المجتمعات و الدول, لها عدة دوافع تزيد من تفاقمها. وعند تناولنا للفساد الإداري تبادر إلى أذهاننا في الكثير من المرات علاقة هذه الآفة بتولي الوظائف العليا, فحاولنا الإجابة عن إشكالية موضوعنا بتبيان واقع الفساد الإداري في مجال الوظائف العليا . فكانت إجابتنا عن الإشكالية بأن أحد دعائم تفاقم الفساد الإداري في الجزائر هو تعيين أو منح مناصب الوظائف العليا لغير مستحقيها . فباب الفساد الإداري لوحده, أو باب الوظائف العليا بمفرده تم دخوله, ومن ثم تحليله من قبل الباحثين و فقهاء القانون . أما عند جمع الفساد الإداري بالوظائف العليا فلم نعثر إلا على اجتهادات بسيطة جدا لا تتعدى فقرات في مقالات, أو بعض الإشارات, خاصة عند ربط الفساد الإداري بتولي الوظائف العليا. ويعتبرهذا من قبيل الصعوبات التي واجهتنا في بحثنا هذا, الذي حاولنا فيه جاهدين أن نسهم و لو بالقدر البسيط في فتح باب تناول موضوع الفساد الإداري و ربطه بتولي الوظائف العليا في البلاد. وجهدنا هذا ثمرة عمل لأن موضوعنا هذا متشعب يتداخل مع مختلف الظواهر و المجالات و الأزمنة و الأمكنة, بل ويحتاج إلى لم المتفرقات, بل حتى إلى الإجتهاد, و خاصة عبر الشبكة العنكبوتية. وقد يكون هذا الموضوع مستقبلا ذو أهمية كبيرة, ويستقطب فقهاء القانون والباحثين, وحتى علماء الإجتماع والإقتصاد والسياسة والنفس. ومن خلال ما توصلنا إليه من نتائج فيما تعلق بموضوعنا, فإننا نعتقد أن الفساد الإداري ظاهرة لا تزال تتفشى في مفاصل الدولة. كما نرى أن الأساليب القديمة في التعيينات في الوظائف العليا لم تعد تواكب الزمن الحالي, و لا تخدم الصالح العام, و ينبغي إعادة النظر فيها. و يكون الوصول إلى نتائج جيدة في مجال محاربة الفساد الإداري في تولي الوظائف العليا بوجود إرادة سياسية قوية, و لن يكون ذلك إلا بإرساء منظومة قانونية جديدة تقوم على أساس تقديم الجدارة و الكفاءة, و تفعيل الشفافية في الإلتحاق بالوظائف العليا . و بالمقابل يجب التخلي عن الأساليب البالية القديمة في تولي الوظائف العليا, من أمراض اجتماعية كالمحسوبية والمحاباة لأنها لا تعود إلا بالسلب على مفاصل الدولة والمجتمع ككل. فيتم إعطاء كل ذي حق حقه و لا يصبح يتولى الوظائف العليا إلا من يستحقها بجدارة, ومن هنا يتقلص الفساد و ينحصر, لينفتح المجال في بلادنا إلى مجالات أخرى خاصة التنمية . و في الختام نسأل الله تعالى أن نكون قد فتحنا بابا للبحث و الإجتهاد في مجال الفساد الإداري و علاقة تولي الوظائف العليا به. كما نتمنى أن نكون قد وفقنا- و لو بالقدر البسيط- في هذا الموضوع بإعطاء بعض الإقتراحات الكفيلة بالتقليص من ظاهرة الفساد الإداري في مجال تولي الوظائف العليا في بلادنا الغالية.

Publié dans la revue: