النظـام القـانوني لحرية تـأسيس الأحـزاب السياسية

Résumé: لم تكن ظاهرة الأحزاب السياسية في الجزائر ناشئة عن قناعة سياسية بضرورة تغيير النظام من الأحادية الحزبية التي طالما فشلت في سياستها لتسيير البلاد، التي من خلالها أدخلت الجزائر في دوامة من الصراع الدائم و حرمان المواطن من ابسط حقوقه وقمع حرياته من خلال تبني نظام اشتراكي متعفن، و لم تكن أيضا ناشئة عن ضرورة نقل الجزائر إلى مصف الدول الحديثة و المعاصرة التي تحترم الحقوق و الحريات كحرية الرأي و الفكر التي أقرتها جميع المواثيق و العهود الدولية و الإقليمية التي صادقت عليها الجزائر، و أنما نشأة عقب أحداث 05 أكتوبر 1988 التي كانت السبب الرئيسي في التحول الديمقراطي في الجزائر، التي نتجت عن ممارسة ضغط كبير على المواطن ، فضلا عن تدني المستوى المعيشي و تدهور الوضع الاقتصادي و الاجتماعي . لم تكن نية أصحاب القرار آنذاك تبني التعددية الحزبية الفعلية التي أقرها الدستور الجزائري سنة 1989، الذي يعد أول دستور يقر بالتعددية من خلا ل الاعتراف بحرية تكوين الجمعيات ذات الطابع السياسي ، و نشير هنا أن المشرع تعمد استعمال مصطلح الجمعيات ذات الطابع السياسي بدل الأحزاب السياسية ، بل كانت تتجه نيته إلى إحداث تعددية داخل الحزب الواحد من خلال خلق معارضة، أو ما يسمى بتعدد المنابر داخل الحزب الحاكم. ولكن انفلات الوضع السياسي وتفاقم الأحداث على مستوى الشارع الجزائري حال دون تحقيق ذلك، الأمر الذي حتم على صناع القرار السير وراء الانفتاح السياسي و فسح المجال أمام جميع التشكيلات و طوائف المجتمع، الدينية منها والديمقراطية والوطنية. إن التعديلات العديدة التي عر فتها القوانين العضوية المتعلقة بالأحزاب السياسية ما هي إلا دليل على عدم استقرار الوضع الحزبي وعدم ورضا السلطات على نشاط وحرية تكوين الأحزاب السياسية. لأنها جاءت من اجل تضييق الخناق على حرية التكوين و التأسيس و تقليص من الضمانات الممنوحة مقابل منح الإدارة سلطات تقديرية واسعة المتمثلة في الوزير المكلف بالداخلية الذي أعطاه المشرع حق القبول و الرفض بالتصريح بالتأسيس متى شاء و كيفما يشاء، حسب ما ورد في الأمر97-09 الذي صدر في ظل سلطة انتقالية معينة لا تتصف بالشرعية القانونية، وهي ليست نابعة و لا معبرة عن إرادة الشعب.

Publié dans la revue: