الديموقراطية التشاركية كآلية لتحقيق التنمية المحلية في الجزائر

Résumé: حاولت هذه الدراسة الإحاطة بالإطار النظري للدیمقراطیة التشاركیة والتنمیة المحلیة، حیث توصلت إلى كونهما تشتركان في عنصر مشاركة المواطنین وبأن العلاقة بینهما هي علاقة سببیة متعدیة، وبما أن الدراسة تتمحور حول الجزائر، تم خلالها التطرق للإطار القانوني للدیمقراطیة التشاركیة في الجزائر، كما تم التطرق إلى واقع تطبیق هذه المقاربة الجدیدة من الدیمقراطیة في الجزائر، من خلال دراسة تطبیق آلیاتها في تسییر المجالس المحلیة المنتخبة، كما تم التطرق لتطبیقها في مجالي البیئة والتهیئة والتعمیر باعتبارهما مجالین حیویین للتنمیة المحلیة، لیتم في الأخیر استعراض الآفاق المستقبلیة لتفعيلها. و من خلال ما تم التطرق إلیه، خلصت هذه الدراسة إلى أن مشاركة أفراد المجتمع المحلي في إحداث التنمیة المحلیة، یشكل القاعدة الأساسیة التي یجب أن تبنى علیها جمیع الخطط والسیاسات التنمویة في المجتمع للقضاء على ضعف استجابة الأفراد والوصول إلى اندماجهم ٕ واشراكهم في تدبیر وتسییر الشأن العام المحلي. وهذا ما أصبح یطلق علیه في أدبیات علم السیاسة بالدیمقراطیة التشاركیة، التي لها وقع إیجابي على عدة مستویات، إذ تتیح للمواطنین على سبیل المثال، قدرة أكبر على تأكید الذات، من خلال حریة التعبیر والتواصل والتضامن بین المواطنین فیما بینهم وبین المنتخبین والمسؤولین المحلیین، كما أنه وعند شعور المواطنین بأن صوتهم مسموع من قبل السلطات المحلیة، خاصة فیما یتعلق بالمشاریع التنمویة وأنهم أهل للمسؤولیة سیستوجب بطبیعة الحال أن یكون المواطن أكثر حرصا على تنفیذ وتتبع المشاریع وبالنسبة للمسؤولین فإن عملیة مشاركة المواطنین تساعد على اتخاذ أحسن القرارات التي تعنیهم وكذا تقدیم خدمات أكثر استجابة لحاجیات مواطنیهم وفي هذا الإطار، فإن التطبيق الأمثل للدیمقراطیة التشاركیة یرتبط بمدى وعي المواطن بمبدأ المواطنة، فكلما كان المواطن على وعي بكل المشاكل التي تحیط به، فإنه سيسعى جاهدا إلى حلها، من خلال مساهمته في اتخاذ القرار، و كلما شعر المواطن بالانتماء إلى مجتمعه ووطنه، كلما بعثت فیه الرغبة في تحقیق الأفضل مما یخلق فیه غریزة التغییر وبذل الجهد قدما كما ترتبط الديمقراطية التشاركية ارتباطا وثیقا بالمواطن، فإذا غاب هذا الأخیر تعذر الحدیث عن وجودها، ولما كان إشراك المواطن بصفة فردیة أمرا یستحیل تحقیقه، نتیجة الفوضى التي تنجر عن ذلك تعین علیه الاندماج ضمن مؤسسات المجتمع المدني، التي تسعى بكل السبل إلى تحقیق الأفضل و ايصال صوت المواطن كفرد إلى الإدارة. وقد خلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أهمها : • تمثل الديمقراطية التشاركية الفضاء الذي يضمن إشراك المواطن والمجتمع المدني في رسم السياسة العامة المحلية والبحث عن تحقيق التنمية المحلية مصدرهما الفرد المحلي. • تعتبر الروابط الاجتماعية هي مصدر بناء المجتمعات وتطويرها، لهذا لابد على السلطات أن تشجع كل ما هو مشترك ولا يتنافى مع القيم الاجتماعية للمجتمع وتشجيعه على المشاركة في اتخاذ القرار. • تشكل منضمات المجتمع المدني، الإطار الأمثل لمشاركة المواطنين في تدبرهم للشأن المحلي. • تتأثر الديمقراطية التشاركية في تحقيق التنمية المحلية من خلال الآليات الإجرائية التأسيسية لتجسيدها. • يعتبر قانون البلدية رقم 11*10 كنقطة انطلاقة من أجل تكريس الديمقراطية التشاركية في الجزائر. • إرساء مبادئ الحوكمة المحلية يمثل الشطر الأساسي في تفعيل الديمقراطية التشاركية، وذلك من اجل تحقيق التنمية المحلية. • إّن الاستفادة من التجارب الغربية للدول الرائدة في مجال تطبيق الديمقراطية التشاركية، كالبرازيل، أمريكا، ألمانيا، بعد تكيفها مع خصوصيات المجتمع الجزائري من شأنه أن يسمح بترقية الديمقراطية التشاركية، وهذا ما لجأت إليه الدولة الجزائرية لتنمية قدرات الفاعلين المحلين من أجل النهوض بالتنمية المحلية، من خلال برنامج كإبدال تحت إشراف وزارة الداخلية ومشاركة صندوق الإتحاد الأوربي الإنمائي، وصندوق منظمة الأمم المتحدة للتنمية ، ونحن على مشارف تحقيق النتائج لهذا البرنامج من خلال كل ّ ما تطرقنا إليه في دراستنا و على ضوء النتائج المتوصل إليها يمكننا التحقق من الفرضيات على النحو التالي:  أّن الديمقراطية التشاركية والتنمية المحلية بينهما علاقة سببية متعدية كرابط بينهما ونجاحهما مرهون بالنتائج الملموسة بينهما، والتي تتجلى في مظاهر النمو والرفاه لأفراد هذا المجتمع.  ونجد أيضا من أهداف الديمقراطية التشاركية هو العمل على تحقيق التنمية المحلية، لأن فعالية آلياتها ينعكس أثرها في العنصر التنموي على المستوى المحلي تتضح العلاقة بين الديمق ا رطية التشاركية والتنمية المحلية في الحلقة التي تسري آليات كل منها، لأن الوصول إلى تحقيق تنمية محلية مرهون بمدى فعالية آليات الديمقراطية التشاركية. وبناء على الحوصلة يتوجب علينا تقديم اقتراحات لعلها تساهم في تفعيل الديمقراطية التشاركية من أجل تحقيق التنمية: 1- العمل على تجسيد اليتي النقاش العام والاستفتاء المحلي. 2-العمل على تكريس مجالس بلدية استشارية كآلية لتحقيق مشاركة المواطنين الفعلية. 3-ضرورة إضفاء الطابع الإلزامي على الأليات الإجرائية لتحقيق مقاصد منشودة وهي تطبيق الديمقراطية التشاركية على أرض الواقع. 4-العمل على تعزيز دور وسيط الجمهورية وذلك عن طريق آلية الانتخاب من أجل الدفاع

Publié dans la revue: