ملامح النظرية السياقية عند اللغويين العرب - دراسة من منظور لساني -

Résumé: لقد أدى اتصال المشتغلين باللغة ببعض العلوم الإنسانية، كعلم الاجتمــــاع و علم النفس و الفلسفة إلى ظهور فروع جديدة للسانيات مثل : اللسانيات النفسية واللسانيات الاجتماعية، و اللسانيات التداولية، فظهرت هذه الأخيرة كرد فعل على اللسانيات الوصفية التي أقصت من دراستها الجانب الحي في اللغة ، و هو الاستعمال الفعلي للغة المتمثل في الكلام و ما يحيط به من ملابسات داخلية أو خارجيـة و هذا ما دعا الباحثين و الدارسين لتطوير الدراسات اللغوية بدراسة استعمالها في التواصل ضمن إطارها الاجتماعي مما استدعى إلى دراسة السياق الذي يجري فيه التلفظ بالخطاب، و هنا برزت مدرسة فيرث اللسانية ، حيث كان المحور الأول لها هو السياق، إلاّ أنّ جملة من الإطّلاعات الدّراسية للتراث اللغوي العربي، كانت تحيل وبصورة تلقائية إلى الدّرس اللغوي الحديث. فاتضح لنا أنّ للنظرية السّياقية ملامح بارزة في تراثنا اللغوي، فهي نقطة البدايــــة لها و لما فيها من أفكار، فتوصلنا إلى أن اللغويون العرب عندما يهتمون بصحة الكــلام و جودة التركيب إنما يهتمون باللفظة و مادتها اللغوية بصفة عامة، و بمعانيها و محاولـة إعطائها بعدها في النص، استنادا إلى ما يحيط بالنص من مواقف ، انطلاقا من ذلك كان اهتمام النحاة ينصب حـول المقال و أصوله التركيبية في إطار الحرص على وضع قواعد اللغة أو في الحكم على ما يجوز و ما لا يجوز من التراكيب و ما يفيد في فهمها و تعلمها، متجاوزين ذلك في بعض الأحيان إلى وصف المواقف، لتتصف دراستهم بالتجريد في سبيل الوصول إلى القاعـدة أما علماء البلاغة فقد اهتموا أكثر بالمقام منطلقين من التراكيب و صولا إلى المعنى المستفاد من مقتضيات المقام و إدراك جماليات هذه التراكيب و تحديد أغراضها . ومن خلال ذلك نصل إلى أن النظرية السّياقية و التي كانت سببا في تجاوز بعض الإشكالات التي عانت منها الدّراسة اللسانية، لها أصول لغوية تعود إلى أعماق الدّرس اللغوي العربي القديم، على اختلاف توجّهاته بخاصة البلاغية والنحوية.

Publié dans la revue: