الترجمة في الدراسات الأنثربولوجية بالمغرب العربي. ترجمة "أنثربولوجيا المغرب" إلى اللغة العربية، كتاب "الهيمنة الذكورية" لبيار بورديو و "الإسلام ملاحظا" لكليفورد غيرتز نموذجا
Résumé: يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على أهمية الترجمة العربية لأحد أهم التخصصّات العلمية في مجال العلوم الاجتماعية و الإنسانية و المتمثل في تخصص الأنثربولوجيا و تحديدا أحد فروعها الهامة و المتمثلة في "أنثربولوجيا المغرب". فقد ظهرت الأبحاث المؤسسة لهذا الفرع بدول المغرب في سنوات الخمسينيّات و الستينيّات من القرن العشرين بفضل ثّلة من الباحثين الغربيين من أمثال بيار بورديو، جاك بيرك، كليفورد غيرتز و إرنست غيلنر. و تتمحور الإشكالية الرئيسة لهذا البحث حول التوظيف المزدوج لفعل الترجمة في كتابة هذه الأبحاث من جهة، و من جهة أخرى، إعادة بعثها في لغات أخرى و بالأخص في اللغة العربية. كما ينصب اهتمامنا في هذا العمل حول أهمية استخدام المقاربة الأنثربولوجية في الدراسات الترجمية، و كذلك خصوصية ترجمة الدراسات الأنثروبولوجية بما فيها تلك التي تمت حول البلدان المغاربية، و مدى اهتمام هذه الدول في حدّ ذاتها بهذه البحوث و بعملية نقلها إلى لغاتها المحليّة. فإذا كانت الترجمة في الفترات الاستعمارية التي عرفتها دول العالم الثالث، قد لعبت دورا لا يستهان به في تحقيق "المشروع الكولونيالي"، فإنها و بعد موجة الإستقلالات التي عرفتها هذه الشعوب، أصبحت تشكل رهانا أساسيا معولا عليه في استعادة معالم الهويات الوطنية. من ناحية أخرى، تعدّ العلاقة بين الترجمة و الأنثربولوجيا علاقة جدّ وثيقة، حيث أن الترجمة بوصفها نشاطا فكريا يقوم على وصف ثقافة معينة في ثقافة أخرى، لا تغدو عن كونها قراءة إثنوغرافية لنص مكتوب بلغة ما في لغة مغايرة تحمل الخصوصيات الاجتماعية و الفكرية و الثقافية للمجتمع الذي ينتقل إليه ذلك النص. و كذلك هي الكتابة الأنثربولوجية تقوم على مقاربة الباحث الأنثربولوجي لميدان غريب عنه في الأصل، ينطق بغير لغته و يفكر بغير تفكيره، و هو إذ ذاك يترجم لذاته قبل أن يكتب لغيره عن ذلك المجتمع أو تلك المجموعة البشرية التي تناولها بالدراسة. و تعتبر الكتابات الأنثربولوجية حول البلدان المغاربية من أهم الأمثلة على تلك اممارسات الإثنوغرافية و اللسانية، فالترجمة هي من بين العناصر الأساسية التي يلجأ إليها الأنثربولوجي في إنجاز تحقيقاته الميدانية، حيث يلعب المترجم في الكثير من الأحيان دور الوسيط بين الباحث و نسيجه المستجوب أو بين الأنثربولوجي و مختلف الفاعلين المشاركين في بحثه. وبمأن هذه الأبحاث أنجزت بلغات أجنبية و من طرف علماء غرباء عن المجتمعات العربية، فمن المهمّ أن تسجلها هذه المجتمعات ضمن انشغالاتها العلمية، و أن تقدم من خلال ترجمتها على إعادة تملك موروث محلي فكري و ثقافي، مما يمنحها فرصة اكتشاف نظرة الآخر إليها و كذلك غربلة ما جاء فيها من وقائع و معطيات.وإذا كانت حركة الترجمة تتفاوت في البلدان المغاربية و بالأخص في الجزائر، تونس و المغرب، حسب التخصصات و التوجهات الفكرية، فمن الأهمية بمكان رصد وضعية الترجمة في هذه البلدان، لتحديد مواقع الخلل ووضع استراتيجية محكمة تستجيب للحاجيات العلمية و السوسيو- ثقافية لهذه الدول، و تمكن من تأطير حركية ترجمة العلوم، حسب التطلعات الأكاديمية لمختلف الفاعلين المشاركين في بناء المشروع الفكري لهذا البلد أو ذاك. و مما لا ريب فيه هو أن أهمية ترجمة مختلف تخصصات العلوم الاجتماعية و الإنسانية بدول المغرب العربي هي من أهمية تدريس و تلقين هذه التخصصات ، حيث أنه و في ظل تعريب هذه العلوم تغدو الترجمة ضرورة ملحة و حاجة لا غنى عنها في توفير المادة العلمية المعتمدة في تدريس مختلف المناهج. و هي حاجة تزداد و تتضاعف أكثر فأكثر كلما تعلق الأمر بتخصص حديث النشأة أو حديث الاعتراف به كما هو الشأن بالنسبة للأنثربولوجيا. ففي الجزائر مثلا يعرف هذا التخصص رجوعا تدريجيا إلى الجامعات الجزائرية و لكن بوتيرة جدّ بطيئة، و الأكيد أن ما سيزيد من تعثر تعميم تدريس هذه المادة هو الغياب الكبير للكتب و المراجع الأساسية في اللغة العربية، مما يحول، دون أدنى شك، أمام التحصيل المعرفي السليم و المكثف لأبجديات هذا العلم.على هذا الأساس، نقوم في الجانب التطبيقي من هذا البحث بدراسة تحليلية وصفية لترجمة كتابين ينتميان إلى مجال أنثربولوجيا المغرب. تتمثل الترجمة الأولى التي تمت من الفرنسية إلى العربية في كتاب "الهيمنة الذكورية" لمؤلفه بيار بورديو، أما الترجمة الثانية فقد تمت من الإنجليزية إلى العربية، إضافة إلى النسخة الفرنسية، لكتاب "الإسلام ملاحظا..." لكاتبه كليفورد غيرتز. و يعتبر هذان الكتابان بمثابة نموذجين عن الدراسات التي اتخذت من البلدان المغاربية ميدانا لتحقيقاتها، حيث أنجزت الدراسة الأولى في الجزائر ببلاد القبائل، في حين أنجزت الدراسة الثانية بالمغرب الأقصى.
Mots-clès:
Nos services universitaires et académiques
Thèses-Algérie vous propose ses divers services d’édition: mise en page, révision, correction, traduction, analyse du plagiat, ainsi que la réalisation des supports graphiques et de présentation (Slideshows).
Obtenez dès à présent et en toute facilité votre devis gratuit et une estimation de la durée de réalisation et bénéficiez d'une qualité de travail irréprochable et d'un temps de livraison imbattable!