التجربة الدستورية في الجزائر

Résumé: شهد تطور الوضع الدستوري في الجزائر منذ الاستقلال فترتين مميزتين، الفترة الأولى تميزت بالتوجه في مجالات عدة، فكرية وسياسية، اقتصادية واجتماعية والطابع الأحادي يقوده الحزب والدولة. فكانت له معطياته وأسسه التاريخية وأهمها حداثة الدولة وإعطاء الأولوية لبنائها وفقا لأقرب إيديولوجية منطقية تلاءم ذلك التوجه، والفترة الثانية تميزت بالطابع الإصلاحي الذي يكرس القطيعة مع الايديولوجيات والتوجهات السابقة، وذلك تكيفا مع التطورات السريعة في مختلف المجالات التي عرفها العالم ومنه المجتمع الجزائري. وطبعا فان أبرز وثيقة سياسية في هذا المشهد الي عرفته الجزائر هي الدستور، فالدستور يختص بوضع قواعد قانونية ومبادئ عامة ينظم السلطة في الدولة، والجماعة البشرية التي تعیش على اقليمها بشكل آمن ومستقر، وقد تختلف أساليب نشأة هذه الدساتير باختلاف الأوضاع و الظروف التي تحیط بهذه الأخيرة، فالدستور ولید الظروف العامة المحیطة به و التي تؤثر على نشأته و حتى على محتواه، و لقد عرفت الجزائر كغيرها من الدول عدة دساتیرعبر مراحل تاريخية مختلفة، فكان أول دستور مباشرة بعد الاستقلال، و هو دستور 1963م الذي استمر العمل به مدة 17 یوما فقط ثم جمد بمقتضى المادة 59 منه والذي استعملها الرئيس في ظل الظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها البلاد آنذاك، و بعدها جاء دستور 22 نوفمبر 1976 اثر الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب سنة 1965م ،حيث تبنى الرئيس الثاني للجزائر الخیار الاشتراكي وتميز بهيمنة السلطة التنفيذية على باق السلطات و المؤسسات الدستورية، الى غاية تخلي النظام عن الخيار الاشتراكي و تبنيه الاتجاه الليبيرالي، الذي كرسه دستور 29 فيفري 1989م، وكسابقيه من الدساتير لم يرتق دستور 1989م الى طموحات الشعب الجزائري، فلجأ المشر ع إلى تعديله سنة 1996، وتلت تعديلات أخرى سنة2002م وسنة 2008م وسنة 2016م الى غاية التعديل الأخير وهودستور01 نوفمبر 2020م والذي جاء بتعديلات هامة و لكنها تبقى غير كافية.

Publié dans la revue: المجلة الافريقية للدراسات القانونية والسياسية